وروى الزهري عن أبي عبدالله الأغر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يلحق المسلم أو ينفع المسلم ثلاث ولد صالح يدعو له وعلم ينشره وصدقة جارية
قال أبو جعفر ونذكر قول من تأول هذه الأحاديث فيها أقوال قال أبو جعفر من العلماء من قال بالأحاديث كلها ولم يجز فيها الترك منهم أحمد بن محمد بن حنبل وكان هذا مذهبه فقال يحج الإنسان عن الإنسان ويتصدق عنه كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من مات وعليه صيام شهر رمضان أطعم عنه لكل يوم مد ومن مات وعليه صيام نذر صام عنه وليه كما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن العلماء من قال ببعض الأحاديث فقال يحج الإنسان عن الإنسان ولا يصوم عنه ولا يصلي وهذا مذهب الشافعي
ومنهم من قال لا يجوز في عمل الأبدان أن يعملها أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد وهذا قول مالك بن أنس
ومنهم من قال الأحاديث صحيحة ولكن هي محمولة على الآية وإنما يحج الإنسان عن الإنسان إذا أمره أو أوصى بذلك أو كان له فيه سعي حتى يكون موافقا لقوله عزوجل وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
ومنهم من قال لا يعمل أحد عن أحد شيئا فإن عمله فهو لنفسه كما قال جل وعز وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وقال في الأحاديث سبيل الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين ألا يمنعوا أحدا من فعل الخير
قال أبو جعفر وقول أحمد في هذا بين حسن وهو أصل مذهب الشافعي
فإن قال قائل كيف ترد إلى الآية ففي ذلك جوابان أحدهما أن ما قاله الرسول صلى الله عليه و سلم وصح عنه فهو مضموم إلى القرآن كما حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال حدثنا ابن عيينة عن ابن المنكدر وأبي النضر عن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه أو غيره عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله عز و جل اتبعناه
قال أبو جعفر وهذا جواب جماعة من الفقهاء أن يضم الحديث إلى القرآن كما قال الله جل وعز قل لآ أجد فى مآ أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميته أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ثم حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير فكان مضموما إلى الآية
وكان أحمد رحمه الله من أكثر الناس اتباعا لهذا حتى قال من احتجم وهو صائم فقد أفطر هو وحاجمه كما قال رسول الله وفي الأحاديث تأويل آخر فيه لطف ودقة وهو أن الله جل وعز إنما قال وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ولام الخفض معناها في العربية الملك والإيجاب فليس يجب للإنسان إلا ما سعى فإذا تصدق عنه غيره فليس يجب له شيء إلا أن الله جل وعز يتفضل عليه بما لم يجب له كما يتفضل على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل
قال أبوجعفر فعلى هذا يصح تأويل الأحاديث
وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها فماتت ولم توص أفتصدق عنها قال نعم فيكون في هذا الحديث ما ذكرنا من التأويلات
وفيه من الغريب قوله افتلتت نفسها معناه ماتت فجأة ومنه قول عمر رضي الله عنه كانت بيعة أبي بكر فالتة فوقي الله عز و جل شرها أي فجأة وفي هذا من المعنى أن عمر رضي الله عنه تواعد وفعل مثل ذلك وذلك أن أبا بكر رضي الله عنه كان له من الفضائل الباهرة التي لا تدفع ما يستوجب به الخلافة وأن يبايع فجأة وليس هذا لغيره وكان له استخلاف رسول الله صلى الله عليه و سلم إياه على الصلاة قال محمد بن جرير استخلافه إياه على الصلاة بمعنى استخلافه إياه على إمامة المسلمين والنظر في أمورهم لأنه استخلفه على الصلوات التي لا يقيمها إلا الأئمة من الجمع والأعياد وروجع في ذلك فقال يأبى الله جل وعز والمسلمون إلا أبا بكر وقال غير محمد بن جرير روي شعبة والثوري عن الأعمش ومنصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن فلما استخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا بكر على خير أعمالنا كان ما دونه تابعا له
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 06 - 10, 08:01 ص]ـ
الثلاثاء