تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- الكتب: ضم أديم إلى أديم بالخياطة، يقال: كتبت السقاء، وكتبت البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة، وفي التعارف ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض باللفظ، فالأصل في الكتابة: النظم بالخط لكن يستعار كل واحد للآخر، ولهذا سمي كلام الله - وإن لم يكتب - كتابا كقوله: {آلم * ذلك الكتاب} [البقرة/1 - 2]، وقوله: {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} [مريم/30].

والكتاب في الأصل مصدر، ثم سمي المكتوب فيه كتابا، والكتاب في الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه، وفي قوله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} [النساء/ 153] فإنه يعني صحيفة فيها كتابة، ولهذا قال: {ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس} الآية [الأنعام/7].

ويعبر عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفرض والعزم بالكتابة، ووجه ذلك أن الشيء يراد، ثم يقال، ثم يكتب، فالإرادة مبدأ، والكتابة منتهى. ثم يعبر عن المراد الذي هو المبدأ إذا أريد توكيده بالكتابة التي هي المنتهى، قال: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} [المجادلة/ 21]، وقال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} [التوبة/51]، {لبرز الذين كتب عليهم القتل} [آل عمران/154]، وقال: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأنفال/75] أي: في حكمه، وقوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [المائدة/45] أي: أوجبنا وفرضنا، وكذلك قوله: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت} [البقرة/180]، وقوله: {كتب عليكم الصيام} [البقرة/183]، {لم كتبت علينا القتال} [النساء/77]، {ما كتبناها عليهم} [الحديد/27]، {لولا أن كتب الله عليهم الجلاء} [الحشر/3] أي: لولا أن أوجب الله عليهم الإخلاء لديارهم، ويعبر بالكتابة عن القضاء الممضى، وما يصير في حكم الممضى، وعلى هذا حمل قوله: {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [الزخرف/80] قيل: ذلك مثل قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} [الرعد/39]، وقوله: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} [المجادلة/22] فإشارة منه إلى أنهم بخلاف من وصفهم بقوله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} [الكهف/28]؛ لأن معنى (أغفلنا) من قولهم: أغفلت الكتاب: إذا جعلته خاليا من الكتابة ومن الإعجام، وقوله: {فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون} [الأنبياء/94] فإشارة إلى أن ذلك مثبت له ومجازى به.

وقوله: {فاكتبنا مع الشاهدين} [آل عمران/53] أي: اجعلنا في زمرتهم إشارة إلى قوله: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ... } الاية [النساء/69] وقوله: {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [الكهف/49] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله: {إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد/22] قيل: إشارة إلى اللوح المحفوظ، وكذا قوله: {إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} [الحج/70]، وقوله: {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام/59]، {في الكتاب مسطورا} [الإسراء/58]، {لولا كتاب من الله سبق} [الأنفال/68] يعني به ما قدره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام/54] وقيل: إشارة إلى قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال/33]، وقوله: {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} [التوبة/51] يعني: ما قدره وقضاه، وذكر (لنا) ولم يقل (علينا) تنبيها أن كل ما يصيبنا نعده نعمة لنا، ولا نعده نقمة علينا، وقوله: {ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} [المائدة/21] قيل: معنى ذلك وهبها الله لكم، ثم حرمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل: كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل: أوجبها عليكم، وإنما قال: (لكم) ولم يقل: (عليكم) لأن دخولهم إياها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذيا بشيء لا يعرف نفع مآله: هذا الكلام لك لا عليك، وقوله: {وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا} [التوبة/40] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلا، وحكم الله عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث} [الروم/56] أي: في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله: {لكل أجل كتاب} [الرعد/38]، وقوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} [التوبة/36] أي: في حكمه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير