فدع ذا وسَلِّ الهمَّ عنك بجسرة
ذَمُول إذَا صَام النهارُ وهجَّرا
وقول الأعشى:
فدع ذَا ولكن رُبّ أرض مُتيهة
قطعتُ بحُرْجُوج إذا الليل أظلما
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[15 - 06 - 10, 09:50 م]ـ
الآية 2
وتقدم بيان نظيره عند قوله تعالى: (بل الذين كفروا في عزة وشقاق في سورة ص.
وقوله: وعجبوا (خبر مستعمل في الإنكار إنكاراً لعجبهم البالغ حدّ الإحالة. و) عجبوا (حصل لهم العجَب بفتح الجيم وهو الأمر غير المألوف للشخص) قالت يا وَيْلَتَا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لَشَيْء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله ((هود: 72، 73) فإن الاستفهام في) أتعجبين (إنكار وإنما تنكر إحالة ذلك لا كونه موجب تعجّب. فالمعنى هنا: أنهم نفوا جواز أن يرسل الله إليهم بشراً مثلهم، قال تعالى: (وما منع الناسَ أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ((الإسراء: 94).
وضمير) عجبوا (عائد إلى غير مذكور، فمعاده معلوم من السياق أعني افتتاح السورة بحرف التهجّي الذي قصد منه تعجيزهم عن الإتيان بمثل القرآن لأن عجزهم عن الإتيان بمثله في حال أنه مركب من حروف لغتهم يدلهم على أنه ليس بكلام بشر بل هو كلام أبدعته قدرة الله وأبلغه الله إلى رسوله (صلى الله عليه وسلم) على لسان المَلك فإن المتحدَّيْن بالإعجاز مشهورون يعلمهم المسلمون وهم أيضاً يعلمون أنهم المعنيون بالتحدّي بالإعجاز. على أنه سيأتي ما يفسر الضمير بقوله: (فقال الكافرون).
وضمير) منهم (عائد إلى ما عاد إليه ضمير) عجبوا (والمراد: أنه من نوعهم أي من بني الإنسان.
و) أن جاءهم (مجرور ب (من) المحذوفة مع) أنْ (، أي عجبوا من مجيء منذر منهم، أو عجبوا من ادعاء أن جاءهُمْ منذر منهم.
وعبر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بوصف) منذر (وهو المخبِر بشَرّ سيكون للإيماء إلى أن عَجَبهم كان ناشئاً عن صفتين في الرسول (صلى الله عليه وسلم) إحداهما أنه مخبر بعذاب يكون بعد الموت، أي مخبر بما لا يصدقون بوقوعه، وإنما أنذرهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعذاب الآخرة بعد البعث كما قال تعالى: (إن هو إلا نذير لكم بين يديْ عذاب شديد ((سبأ: 46). والثانية كونه من نوع البشر.
وفُرِّعَ على التكذيب الحاصل في نفوسهم ذِكر مقالتهم التي تفصح عنه وعن شبهتهم الباطلة بقوله: (فقال الكافرون هذا شيء عجيب (الآية. وخص هذا بالعناية بالذكر لأنه أدخل عندهم في الاستبْعاد وأحق بالإنكار فهو الذي غرهم فأحالوا أن يرسل الله إليهم أحد من نوعهم ولذلك وصف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ابتداء بصفة) منذر (قبل وصفه بأنه) منهم (ليدل على أن ما أنذرهم به هو الباعث الأصلي لتكذيبهم إياه وأن كونه منهم إنما قوَّى الاستبعاد والتعجّب.
ثم إن ذلك يُتخلص منه إلى إبطال حجتهم وإثبات البعث وهو المقصود بقوله: (قد علِمْنا مَا تنقصُ الأرض منهم إلى قوله: كذلك الخروج ((ق: 4 11). فقد حصل في ضمن هاتين الفاصلتين خصوصيات كثيرة من البلاغة: منها إيجاز الحذف، ومنها ما أفاده الإضراب من الاهتمام بأمر البعث، ومنها الإيجاز البديع الحاصل من التعبير ب) منذر (، ومنها إقحام وصفه بأنه) منهم (لأن لذلك مدخلاً في تعجبهم، ومنها الإظهار في مقام الإضمار على خلاف مقتضَى الظاهر، ومنها الإجمال المعقب بالتفصيل في قوله: (هذا شيء عجيب أئذا متنا (الخ.
وعبُر عنهم بالاسم الظاهر في) فقال الكافرون (دون: فقالوا، لتوسيمهم فإن هذه المقالة من آثار الكفر، وليكون فيه تفسير للضميرين السابقين.
والإشارة بقولهم) هذا شيء عجيب (إلى ما هو جار في مقام مقالتهم تلك من دعاء النبيء (صلى الله عليه وسلم) إياهم للإيمان بالرَّجْع، أي البعث وهو الذي بينتْه جملة) أئذا متنا وكنا تراباً (إلخ.
والاستفهام مستعمل في التعجيب والإبطال، يريدون تعجيب السامعين من ذلك تعجيب إحالة لئلا يؤمنوا به. وجعلوا مناطَ التعجيب الزمانَ الذي أفادته (إذا) وما أضيف إليه، أي زمنَ موتنا وكونِنا تراباً.
والإشارة بقولهم) هذا شيء عجيب (إلى ما هو جار في مقام مقالتهم تلك من دعاء النبيء (صلى الله عليه وسلم) إياهم للإيمان بالرَّجْع، أي البعث وهو الذي بينتْه جملة) أئذا متنا وكنا تراباً (إلخ.
والاستفهام مستعمل في التعجيب والإبطال، يريدون تعجيب السامعين من ذلك تعجيب إحالة لئلا يؤمنوا به. وجعلوا مناطَ التعجيب الزمانَ الذي أفادته (إذا) وما أضيف إليه، أي زمنَ موتنا وكونِنا تراباً.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[15 - 06 - 10, 09:56 م]ـ
الآية 3
أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد
والمستفهم عنه محذوف دل عليه ظرف) أئذا متنا وكنا تراباً (والتقدير: أنرجع إلى الحياة في حين انعدام الحياة منا بالموت وحين تفتت الجسد وصيرورته تراباً، وذلك عندهم أقصى الاستبعاد. ومتعلقّ (إذا) هو المستفهم عنه المحذوف المقدَّر، أي نُرجَع أو نعود إلى الحياة وهذه الجملة مستقلة بنفسها.
وجملة) ذلك رجع بعيد (مؤكدة لجملة) أئذا متنا وكنا تراباً (بطريق الحقيقة والذِكر، بعد أن أُفيد بطريق المجاز والحذف، لأن شأن التأكيد أن يكون أجلى دلالة.
والرَّجع: مصدر رجَع، أي الرجوع إلى الحياة. ومعنى) بعيد (أنه بعيد عن تصور العقل، أي هو أمر مستحيل.
.
ردٌّ لقولهم: (ذلك رجع بعيد ((ق: 3) فإن إحالتهم البعث ناشئة عن عدة شبه منها: أن تفرق أجزاء الأجساد في مناحِي الأرض ومهابّ الرياح لا تُبقي أملا في إمكان جمعها إذ لا يحيط بها محيط وأنها لو علمت مواقعها لتعذر التقاطها وجمعها، ولو جمعت كيف تعود إلى صورها التي كانت مشكَّلة بها، وأنها لو عادت كيف تعود إليها، فاقتصر في إقلاع شبههم على إقلاع أصلها وهو عدم العلم بمواقع تلك الأجزاء وذرّاتها.
¥