تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيضا) ا, هـ (الفتاوى 28/ 151) ويؤكد هذا أن المجرم الذي كان يستتر بجريمته ولا يظهرها أنه عندما يرى كثرة هذه الجرائم فإن ذلك مما يجعله أكثر جرأة على إظهارها بعد أن كان يخفيها

ومما يترتب على ذلك أيضاً إيجاد اليأس والقنوط الذي يدب إلى قلوب الغيورين وذلك لما يرون من كثرة المنكرات والفساد وقد يصل بهم إلى درجة الإحباط

ومما يترتب على ذلك أيضا انتشار الأمرض النفسية التي تأتي عادة كردةِ فعلٍ من كثرة ما يشاهدونه و يقرأونه عن جرائم الاغتصاب والسرقة والقتل والاختطاف ونحو ذلك، والذي له علاقة أو صلة بواقع عيادات الأمراض النفسية يعرف ذلك جيداً.

ثم إن نشر مثل هذه الجرائم الأخلاقية يُوجد عند المجتمع حالةً من التطبع والاستمراء إلى درجة التبلد وعدم الإحساس بها وعدم استنكارها واستبشاعها رغم فضاعتها وشناعتها بل ربما يصل الأمر إلى تولد نظرةٍ تشاؤميةٍ تجاه هذا البلد أو ذاك أو إلى منطقة بعينها دون باقي المناطق، وخيرُ شاهدٍ على هذا ما نراه عبر بعض صحفنا من نشر للجرائم الأخلاقية بجميع أنواعها في بعض المناطق في المملكة أكثر من غيرها مما أعطى الناس والقراء انطباعا بأن تلك المنطقة مشهورة ومعروفة بكثرة الجرائم أكثر من غيرها مع أنه قد توجد منطقة أخرى هي أكثر منها في حصول الجرائم ولكنها لم تنشر كما نشر غيرها ..

هناك قسم آخر يؤيدون نشر هذه الجرائم عبر وسائل الأعلام ويقولون:

إن النشر يساعد رجال الأمن في تعقب المجرمين والقبض عليهم وتنبيه الجمهور بخطورتهم وخلق الوعي الجماهيري لدى الناس.

والجواب أن يقال: إن هذه التعليل عليل وليس دقيقا فقد يكون بعض الصحافيين ممن يقدم معلومات خاطئة ومظللة تزيد الجريمة تعقيدا لمجرد السبق الصحفي ولزيادة عدد المتابعين من القراء لتلك السلسلات التى تنشرها، وربما تكون مقصودة لصرف الأنظار عن المجرم الحقيقي و للتمويه على رجال الأمن لتتمكن تلك العصابات من تنفيذ ما تريد والوصول إلى مبتغاها.

بل إن المجرم المشاهد والمتابع لهذه الأخبار يستفيد منها أن الخطة التي استعملت في تلك الجريمة المنشورة أصبحت معلومة ومعروفة ومكشوفة عند الناس والأجهزة الأمنية وبالتالي فهو سيبحث ويلجأ إلى أساليب وخطط جديدة لتنفيذ جريمته.

وأما خلق الوعي الجماهيري فإنه لا يكون بنشر هذه الجرائم عبر وسائل الأعلام وإنما يكون بالطرق الصحيحة والأساليب الشرعية من النصح والتذكير والوعظ والأطروحات التوعوية من محاضرات وندوات ومؤلفات لبيان خطورة العمل والجرم الفلاني بفضح الألاعيب التي يمارسها أصحابه وطرق الحذر منها

أما القول بأن الإعلام مرآة المجتمع ويعكس ما يحصل فيه فيمكن الجواب عن هذا بأن هذا الأمر يفتح باباً واسعاً للتدخل في خصوصيات المجتمع وربما يصل إلى بيوتهم لنشرها على الأعلام بحجة أن الإعلام يعكس صورة المجتمع وما الفرق بين هذا وبين النمّام الذي ينقل أقول الناس وأفعالهم في المجالس؟؟ فهل فعله هذا إلا مرآة تعكس صورة المجتمع والبيوت وما يحصل فيها.

وفي خاتمة المطاف إن كان ولا بد من نشر هذه الجرائم الأخلاقية فينبغي تقييد هذا النشر لهذه الحوادث والجرائم وقصرها على مراكز الاختصاص والأبحاث المعنية والمهتمة بهذه الأمور لا أن تكون مبثوثة لكل أحدٍ فينبغي قصرها مثلاً على الجهات الجنائية والاجتماعية والنفسية والأمنية والتى تُعنى بمثل هذه القضايا لعمل الدراسات والأبحاث التي تعود بالفائدة على المجتمع لعلاج مثل هذه الانحرافات والسلوكيات بالطرق المناسبة وإصدار التوصيات للحد من انتشارها وإيجاد الحلول المناسبة لها.

محمد بن أحمد الفيفي

كلية الدعوة والإعلام

جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية

منقوووول

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير