[الدين الحق والأديان المحرفة]
ـ[أبو الصلت]ــــــــ[16 - 02 - 06, 08:10 ص]ـ
[الدين الحق والأديان المحرفة]
كل صاحب ملة يعتقد أن ملته هي الحق، وكل أتباع دين يعتقدون أن دينهم هو الدين الأمثل والمنهج الأقوم. وحينما تسأل أتباع الأديان المحرفة أو أتباع الملل البشرية الوضعية عن الدليل على اعتقادهم؛ فيحتجون بأنهم وجدوا آباءهم على طريقة، فهم على آثارهم مقتدون، ثم يذكرون حكايات وأخباراً لا يصح سندها، ولا يسلم متنها من العلل والقوادح، ويعتمدون على كتب متوارثة لا يعلم من قالها ولا من كتبها، ولا في أية لغة كتبت أول مرة، ولا في أي بلد وجدت؛ إنما هي أمشاج جمعت فعظّمت فتوارثتها الأجيال دون تحقيق علمي يحرر السند، ويضبط المتن.
وهذه الكتب المجهولة والحكايات والتقليد الأعمى لا تصلح حجة في باب الأديان والعقائد، فهل كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية صحيحة أم باطلة؟، يستحيل أن يكون الجميع على حق؛ لأن الحق واحد لا يتعدد، ويستحيل أن تكون كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية من عند الله، وأنها حق، وإذا تعددت -والحق واحد- فأيها الحق؟ إذا فلا بد من ضوابط نعرف بها الدين الحق من الدين الباطل، فإذا وجدنا هذه الضوابط منطبقة على دين علمنا أنه الحق، وإذا اختلت هذه الضوابط أو واحد منها في دين علمنا أنه باطل.
أقسام الديانات
تنقسم البشرية بحسب أديانها إلى قسمين:
القسم الأول:- قسم لهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى والمسلمين، فاليهود والنصارى بسبب عدم عملهم بما ورد في كتبهم، وبسبب اتخاذهم البشر أرباباً من دون الله، وبسبب تطاول العهد فُقدت كتبهم التي أنزلها الله على أنبيائهم؛ فكتب لهم الأحبار كتباً زعموا أنها من عند الله، وما هي من عند الله، إنما هي انتحال المبطلين وتحريف الغالين.
أما كتاب المسلمين (القرآن العظيم) فهو آخر الكتب الإلهية عهداً، وأوثقها عقداً، تكفل الله بحفظه؛ ولم يكل ذلك إلى البشر قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، فهو محفوظ في الصدور والسطور؛ لأنه الكتاب الأخير الذي ضمنه الله الهدى لهذه البشرية، وجعله حجة عليهم إلى قيام الساعة، وكتب له البقاء، وهيأ له في كل زمان من يقيمون حدوده وحروفه، ويعملون بشريعته ويؤمنون به.
القسم الثاني:- قسم ليس لهم كتاب منزل من عند الله، وإن كان لديهم كتاب متوارث منسوب إلى صاحب ديانتهم كالهندوس والمجوس والبوذيين والكنفوشيسيين وكالعرب قبل مبعث النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما من أمة إلا ولها علم وعمل بحسب ما تقوم به مصالح دنياهم، وهذا من الهداية العامة التي جعلها الله لكل إنسان، بل لكل حيوان، كما يهدى الحيوان إلى جلب ما ينفعه من الأكل والشرب، ودفع ما يضره، وقد خلق الله فيه حباً لهذا، وبغضاً لهذا، قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:1 - 3]، وقال موسى لفرعون: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]، وقال الخليل عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء:78]، ومن المعلوم لكل عاقل -له أدنى نظر وتأمل- أن أهل الملل أكمل في العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، ممن ليس من أهل الملل، فما من خير يوجد عند غير المسلمين من أهل الملل إلا وعند المسلمين ما هو أكمل منه، وعند أهل الأديان ما لا يوجد عند غيرهم.
الضوابط التي نميز بها بين الدين الحق والدين الباطل، وهي:
الأول: أن يكون الدين من عند الله أنزله بواسطة ملك من الملائكة على رسول من رسله ليبلغه إلى عباده؛ لأن الدين الحق هو دين الله، والله سبحانه هو الذي يدين ويحاسب الخلائق يوم القيامة على الدين الذي أنزله إليهم، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} [النساء:163].
¥