[ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر]
ـ[بدرالعبدالعزيز]ــــــــ[02 - 06 - 07, 07:24 م]ـ
بسمالله الرحمن الرحيم
(ولقد يسرناالقرءان للذكر فهل من مدكر (من خصائص القرآن الكريم أنه كتاب يسرهالله تعالى للحفظ والذكر، قال تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكرفهل من مدكر) وهذا طريق من الطرق التي هيأها الله لحفظ كتابهالكريم من التبديل والتحريف والضياع، تصديقاً لقوله تعالى) إنانحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (فالقرآن الكريم هو الكتابالوحيد الذي حفظه الله بحفظه، وسلّمه من كل تبديل أو تغيير، ليكون حجة على الناسيوم الدين.
ولقد استفاضت الأحاديث النبوية المرغِّبة بحفظ القرآن، نذكرمنها قوله صلى الله عليه وسلم: يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول: يا رب حلِّه، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: زده، فيُلبس حُلَّة الكرامة، ثميقول: يا رب ارضَ عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق، وتزاد بكل آية حسنرواهالترمذي، وقال: حسن صحيح، ورواهالحاكموصححه.
ومن ذلك أيضاً قوله صلى الله عليهوسلم: يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقَ، ورتل كما كنت ترتل فيالدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤهارواهأحمد.
ولمنزلة حافظ القرآن وفضله، فقد أرشد رسول الله صلى الله عليهوسلم إلى أحقيته وأفضليته في إمامة الصلاة، فقال: يؤمُّ القومأقرؤهم لكتاب اللهرواهمسلم.
وبلغ منإكرام رسول صلى الله عليه وسلم لِحَفَظَةِ كتاب الله أن قدَّمهم على غيرهم في اللحدفي غزوة أحد، فكان صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يدفن رجلين سأل: أيهم أكثر أخذًا للقرآن - أي حفظًا لكتاب الله - فإن أُشير له إلىأحدهما قدَّمه في اللحدرواهالبخاري.
ويكفي أهل القرآن شرفًا أن أضافهم الله إلى نفسه، واختصهم بما لميختص به غيرهم، ففي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: إن للهأهلين من الناس، فقيل: مَن هم؟ قال أهل القرآن، هم أهل الله وخاصتهرواهأحمد.
ولما كانت هذه مكانة حفظ القرآن وحفظته، فقد وجدنا صغار الصحابة وشبابهم رضي الله عنهم، كعمرو بن سلمة، والبراء بن عازب، وزيدبن حارثة، وغيرهم كثير، يحرصون على تعلم القرآن وحفظه، حتى إنزيد بن ثابترضي الله عنه كان من الحفظة الأثبات، الذين اعتمدعليهمأبو بكروعثمانفي جمعالقرآن الكريم.
وقد سار سلف هذه الأمة من التابعين ومَن بعدهم على هديالصحابة، في حفظهم لكتاب الله، ولو رجعنا إلى تراجم أهل العلم لوجدنا أن جُلَّهم قدحفظ القرآن الكريم، ولمَّا يجاوز الخامسة عشرة من عمره.
ثم لْتَعْلَمْ - أخي الكريم - أن لحفظ القرآن الكريم آداب ينبغي مراعاتها والحفاظ عليها، ويأتي فيمقدمة هذه الآداب الإخلاص لله، فإن الله لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصًا له، قال تعالى) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين (. ولا يكن حفظك للقرآن لدنيا تصيبها، أو سمعة تقصدها، أو منصباًتبتغيه. وقد ثبت في الحديث، أن من تسعَّر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، منهم: رجل تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتيَ به فعرَّفه اللهنِعَمَه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه ثم أُلقي في الناررواهمسلم.
ثم يأتي بعد الإخلاص العمل بالقرآن والالتزامبأوامره ونواهيه، وهذا هو المقصد الأٍساس الذي نزل القرآن لأجله، فالحفظ ليس غايةفي ذاته، بل هو وسيلة لغاية، فلا تفرَّط بالعمل لأجل الحفظ، ولكن لِتَحْفَظَ لأجلالعمل، ولهذا كان القرآن حجة للعاملين به، وحجة على المعرضين عنه، وقد صح في الحديثقوله صلى الله عليه وسلم: والقرآن حجة لك أو عليكرواهمسلم.
ويدخل في موضوع العمل بالقرآن التخلقبأخلاقه، فعلى حافظ كتاب الله، أن يكون قرآناً يمشي بين الناس في سلوكه وأخلاقه، فلا يكون متكبراً أو مستعلياً على عباد الله، بل ليكن عليه سمت الخشوع والوقاروالخضوع لله، والتذلل لإخوانه المؤمنين.
ومن آكد ما ينبغي لحافظ القرآنالاهتمام به، تعاهد القرآن بالمراجعة والمدارسة، كيلا ينفلت منه ما أكرمه اللهبحفظه. وقد ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي محمد بيده لهو أشد تفلُّتاً من الإبل في عُقُلِهارواهالبخاريومسلم.
ثم اعلم - أخي وفقك الله - أن حفظ القرآن لابد أن يُتلقى عن أهلالعلم، المشهود لهم بالعلم والصلاح أولاً، ومن ثَمَّ تأتي الوسائل المساعدة علىذلك، كالمذياع والمسجلة وغيرها من وسائل التعليم المعاصرة، لتكون عوناً وسنداً لماتم تلقِّيه بداية.
ومن الأمور التي تساعدك على حفظ القرآن الكريموتيسِّرَه عليك، تخصيص ورد يومي لتحفظه، كصفحة مثلاً، ولا نرى لك حفظ مقدار كبيربشكل يومي، كيلا تدخل السآمة على نفسك، ولتستطيع مراجعة وتثبيت ما تم لك حفظه؛ ولاتنسَ الدعاء في ذلك، ففيه عون لك - إن شاء الله - على الحفظ، واستعن بالله ولاتعجز. وفقنا الله وإياك لصالح العمل.
منقول ...