تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التهنئة بالعام الجديد للشيخ الدكتور ابراهيم با عامر الرحيلي (المقال الشهري)]

ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[18 - 12 - 10, 04:39 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد المبعوث من ربه داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

أما بعد ...

ففي تقلب الأيام عبر، وفي مر الساعات وانقضاء الأوقات مواعظ لمن تدبر، فما من سنة تمر، وما من شهر ينقضي إلا وهي مراحل من عمر الإنسان تطوى صحائفها، ويختم على دواوينها إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

وفي هذه الأيام يودع الناس عاماً مضى، ويستقبلون عاماً جديداً، وليس الشأن متى انقضى العام ومتى بدأ، ولكن الشأن كيف مضى العام الأول،وبأي شيءٍ نستقبل عامنا الجديد.

فالمؤمن يقف مع نفسه وقفة حساب ومراجعة لما مضى من الأيام فيستغفر من خطيئةٍ مضت، ثم يقف وقفة استعدادٍ لطاعةٍ فيما يستقبل من أيامه، مستعيناً بربه على عبادته ممتثلاً لقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين).

وفي هذا المقام أذكر ببعض المسائل المتعلقة بأحكام هذا الشهر وهو شهر الله المحرم، وما يحتاج التنبيه عليه مما قد يسأل عنه من مسائل.

فأقول وبالله التوفيق:

أولاً: حكم التهنئة ببداية العام الجديد في بداية هذا الشهر:

لم يأتِ في النصوص ما يدل على مشروعية التهنئة ببداية العام؛ كما لم ينقل عن السلف شيءٌ في ذلك، وقد شاع في هذه الأزمنة المتأخرة التهنئة ببداية العام بقول بعض الناس لبعض "كل عام وأنتم بخير"،وتفاوتت أقوال العلماء في بيان حكم ذلك:

·فذهب بعضهم إلى أن التهنئة بالعام الجديد أمرٌ عادي لا تعلق له بالشرع، وعلى هذا فلا مدخل له في باب البدع. وممن ذهب إلى هذا الشيخ ابن عثيمين في بعض إجاباته؛ وبناءً عليه فلا بأس بالتهنئة بالعام الجديد من غير اعتقاد أنه سنة،كما ينبغي لمن هُنئ فقيل له: (كل عام وأنت بخير) أن يجيبه بالدعاء بـ (أن يكون عام خيرٍ وبركة).انظر: (اللقاء الباب المفتوح [93]) يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة عام (1415هـ).

·وذهب بعض العلماء إلى أن التهنئة لم تكن معروفة عند السلف، ولذا فلا ينبغي البداءة بها، وأما من خوطب بها فلا بأس أن يقول لمن قال له (كل عامٍ وأنت بخير) أن يجيبه بقوله: (وأنت كذلك)، أو ما أشبهه وبهذا قال الشيخ عبد العزيز بن باز، في بعض إجاباته عن حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد.انظر: (الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)

·وذهب آخرون إلى المنع من التهنئة بالعام الهجري الجديد وعدها من البدع لعدم ورودها في الشرع؛ولأنها ليس لها أصلٌ من كلام السلف؛ ولما فيها من التشبه بالنصارى في التهنئة بالعام الميلادي؛ وهذا بناءً على دخول التهنئة في الأمور التعبدية التي إن لم يدل عليها الدليل في هذا المقام فهي بدعة محدثة،وإلى هذا القول يميل الشيخ صالح الفوزان في بعض فتاواه.انظر: (الموقع الرسمي للشيخ الفوزان).

والذي يظهر أن التهنئة عند تجدد النعم من الأمور العادية التي لم يؤمر بها أو ينهى عنها في الشرع؛ ثم إن الإنسان قد يؤجر عليها بالنظر إلى ما يترتب عليها من إدخال السرور على المسلم.

وأما التهنئة المتعلقة بالأزمان ففيها تفصيل:

فإن كانت في العيدين فلها أصلٌ في الشرع، وقد نقل عن بعض السلف ما يؤيد ذلك.

وأما في غيرهما من المواسم السنوية كبداية السنة الهجرية، أو التهنئة ببداية العام الدراسي، أو بعد الرجوع من الإجازات فهي ليست مشروعة في الدين قطعاً، فيبقى حكمها مترددٌ بين الإباحة والابتداع فمن قال بإباحيتها لكونها عنده من الأمور العادية التي لا تدخلها البدع، ومن يرى بدعيتها لكونها من الأمور المحدثة التي لم تعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح مع وجود المقتضى.

والقول بالمنع منها هو الذي تطمئن إليه النفس لعدة أمور:

أولاً: أن المداومة عليها فيه مضاهاة للتهنئة بالعيدين،وقد جاء في تعريف البدعة:"أنها طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى".الاعتصام للشاطبي (1/ 37)

ثانياً: أن فيها تشبهاً بالنصارى الذين يهنئ بعضهم بعضاً ببداية السنة الميلادية، والتشبه بهم محرم في ديننا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير