[عدة فوائد من حديث واحد]
ـ[أبومحمد الحربي]ــــــــ[20 - 05 - 04, 01:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فإن من المعلوم عند المسلمين عموماً والسلفيين خصوصاً أنه ما من حديث للصادق المصدوق بيينا محمداً صلى الله عليه وسلم إلا وهو يتضمن في جنباته عدة فوائد فقد يكون الحديث لايعدو في لفظه كلمتين أو ثلاث ولكن في مضمونه فوائد قد يقل حصرها، كيف لا وهو الذي أوتي جوامع الكلم، وعن رب العزة والجلال أخذ العلم.
وكلامي هنا ليس لبيان ذلك فهذا معلوم [سلفاً] ومسلمٌ به لدى المسلمين جميعاً, بل لعلي لاأكون مبالغاً أو مغالطاً إن قلت إنه مسلمٌ به حتى لدى غير المسلمين؛ إنما أردت أن أسوق هنا حديثاً من صحيح الإمام البخاري رحمه الله يحوي فوائد وآداب نحتاج إلى أن نعلمها فنحن نتعرض لها في حياتنا اليومية وقد نقع في شئ نظن أنه أدب وهو غير ذلك ونتورع عن فعل شئ وهو مشروع.
فلقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله كان يقول:
((والله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (إلحق). ومضى فاتبعته، فدخل، فأستأذن، فأذن لي، فدخل، فوجد لبنا في قدح، فقال: (من أين هذا اللبن). قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: (أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (إلحق إلى أهل الصفة فادعهم لي). قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاء أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (خذ فأعطهم). قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم، فقال: (أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت). قلت: صدقت يا رسول الله، قال: (اقعد فاشرب). فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت، فما زال يقول: (اشرب). حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكا، قال: (فأرني). فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة)).6452
هذا حديث عظيم إشتمل على عدة فوائد إستنبطها أهل العلم أسوق منها:
1. جواز التحايل لأمر مشروع كما فعل أبوهريرة حيث سأل أبوبكر وعمر (رضي الله عنهم جميعاً) لالقصد السؤآل ولكن لقصد الإطعام.
2. جواز أن يسأل الرجل أهل بيته عن مصدر الطعام الذي يجده عندهم.
3. بيان كرم النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هذا لايخفى على أحد وإيثاره على نفسه ورحمته بالمؤمنين وعطاؤه عطاء من لايخشى الفقر، وحثه عليه الصلاة والسلام على إطعام الطعام.
4. أن الأولى لمن قدم له إناء أن يتناول منه هو الأول ثم يعطي من يليه، (وهذاما يفعل عكسه كثير من الناس حيث يظن أن هذا من الأدب).
5. جواز عدم الإقتصار في الشرب على ثلاث.
6. جواز الأكل والشرب قبل الكبير.
7. عدم التعفف عن أكل وشرب الفضلة (فلا أحد أكرم ولاأشرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
8. في هذا الحديث معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن قدح اللبن كفى كل هؤلاء القوم، مع كثرتهم فأهل الصفة وحدهم كانوا حوالي ستون رجلاً وهذه أيضاً من دلائل بركته.
9. مشروعية الحمد عند بداية الطعام أيضاً.
10. وهناك من إستدل من هذا الحديث جواز أن يشكوا الإنسان من الجوع.
أخيراً هذا ماتيسر لي جمعه من فوائد وآداب من هذا الحديث الشريف أرجوا أن ينفع الله بها، كما أرجوا ممن كان له فوائد أخرى أن يتحفنا وجزاه الله خيراً.
والله تعالى أعلم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،