4 - حديث أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ) 25، قالوا: هو ظاهر أنه أعتدَّ بها، ولم يُؤمر بإعادتها، ولا يمكن أنه قرأ الفاتحة فيها، وأما قوله (وَلَا تَعُدْ) فهو نهي عن الدخول في الصلاة قبل بلوغ الصف.
5 - عن ابن عمر قال: إذا جئت والإمام راكع فوضعتَ يديك علي ركبتيك قبل أن يرفع رأسه، فقد أدركت 26.
6 - عن زيد بن وهب قال: خرجت مع ابن مسعود من داره إلي المسجد فلما توسطنا المسجد ركع الإمام، فكبر عبد الله ثم ركع وركعت معه، ثم مشينا راكعين حتي انتهينا إلي الصف، حتي رفع القوم رءوسهم، قال: فلما قضي الإمام الصلاة قمتُ أنا – وأنا أري لم أُدرك – فأخذ بيدي عبد الله فأجلسني وقال: إنك قد أدركتَ 27.
7 - عن أبي أمامة بن سهل قال: رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والناس ركوع، فمشي حتي أمكنه أن لا يصل إلي الصف وهو راكع، كبر فركع، ثم دبَّ وهو راكع حتي وصل الصف. وفي لفظ عن خارجة بن زيد " .. ثم يعتدُّ بها، إن وصل إلي الصف أو لم يصل 28.
القول الثاني: لا يعتد بالركعة التي لا يقرأ فيها المسبوق الفاتحة خلف الإمام:
وهو مذهب البخاري وابن حزم ومن الشافعية أبو بكر بن خزيمة الملقب بإمام الأئمة وتقيّ الدين السبكي وهو شافعي متعصب للشافعية ورجحه وجزم به الحافظ العراقي في شرح التقريب، ورجحه الشوكاني والعلامة المعلَّمي اليماني وغيرهم وهو الصحيح لما سيأتي:
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) 29.
قالوا: فمن أدرك الركوع فقد فاتته الوقفة وقراءة أم القرآن وكلاهما فرض لا تتم الصلاة إلا به، وهو مأمور بنص كلام رسول الله بقضاء ما سبقه وإتمام ما فاته، فلا يجوز تخصيص شيء بغير نصٍّ آخر، ولا سبيل إلي وجوده.
2 - أما حديث (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) 30، فهو حق وهو حجة عليهم، لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة بلا خلاف، وليس في الحديث أنه إن أدرك الركوع فقد أدرك الوقفة، قلت: فحملوا لفظ (رَكْعَةً) علي الركعة الكاملة وهذا حقيقة اللفظ كما هو معروف في الشرع والعرف.
3 - أما زيادة (قبل أن يقيم الإمام صلبه) فلا تصح، وغاية الأمر أن يكون أحد الرواه توهَّم أن معني الحديث: من أدرك مع الإمام الركوع فقد أدرك الركعة، فزاد هذه الزيادة تفسيرًا في زعمه وقد جوَّز بعضهم أن تكون من زيادة الزهري فربما التبس علي بعض الضعفاء.
4 - وكذلك حديث (إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) 31 فضعيف لا يُحتج به.وفي لفظ (إذا جئتم و الإمام راكع فاركعوا , و إن كان ساجداً فاسجدوا , و لا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع) 32، وهو ضعيف وحتي إذا صح فإنه يُؤخذ منه بدليل الخطاب، أي بمفهوم المخالفة أن الإنسان إذا أدرك الركوع يكون بذلك مدركًا للركعة. ومفهوم المخالفة ذهبت طائفة من أهل العلم إلي عدم حجيته، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله والمحققين من الأصوليين من الشافعية وغيرهم، وأبو حامد الغزالي، وهو مذهب ابن حزم وطائفة من أهل العلم، وعلي افتراض أنه حجة فإن دلالة المنطوق مقدمة بلا خلاف منهم علي دلالة المفهوم، والمنطوقات بينت أن القيام ركن لا تصح الركعة إلا به في صلاة الفرض، وبينت أيضًا أن فاتحة الكتاب ركن أو شرط لا تصح الصلاة إلا به. وهذا الذي أدرك الإمام راكعًا قد فاته القيام والقراءة.
¥