تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان الشيخ قد حصل على الشهادة الابتدائية في أربع سنوات؛ يقول الشيخ: [يبدو أن الله -عز وجل- فطرني على حب اللغة العربية، وهذا الحب هو الذي كان سبب كسبٍ ماديٍ بعد فضل الله أن أكون متميزاً متفوقاً على زملائي من السوريين في علم اللغة العربية ونحوها].

[وأذكر - أيضاً- جيداً أن أستاذ اللغة والنحو حينما كان يكتب جملةً أو بيتاً من الشعر على اللوح، ثم يسأل الطلاب عن إعرابه، فيكون آخر من يطلب منه ذلك – الألباني- وكنت وقتئذ أعرف بالأرنؤوط؛- لأن كلمة الأرنؤوط اسم شعب مثلما يقال: العرب، ويتفرع منهم بنو تميم، وبنو فلان، وفلان. والأرنؤوط شعب يتفرع منهم: الألبانيون، والبوشناق، وغيرهم.- وكان الأستاذ يؤخرني آخر واحد؛ فإذا عجز الطلاب عن الإعراب يناديني يا أرنؤوط ماذا تقول؟! فأصيب الهدف بكلمة واحدة فيرجع ويعيّر الطلاب ويقول: [أليس عيب عليكم هذا أرنؤوطي يتفوق عليكم وهو ليس بعربي؛ وأنتم العرب لا تعرفون الإعراب!!].

لا شك أن مدرس اللغة العربية له أثر كبير جداً في تحبيب الطالب في اللغة، أو في تنفيره عنها، ولذلك فإن على مدرسي اللغة العربية بالذات مسؤولية كبيرة جداً في تحبيب اللغة إلى النشء، والتي فقد الاهتمام بها في هذا الزمان، وأصبح اللحن الجلي والخفي، وأنواع التكسير في الكلام، وغزو العامية أمراً واضحاً جلياً.

فسحب والد الشيخ ولده من المدرسة، وكانت رمية من غير رامٍ، فلو استمر به تلك السنة فلعل استمراره لم يمكن ليؤدي إلى دراسة الشيخ وتبحره في العلم الشرعي, وكان والد الشيخ سيء الرأي في المدارس النموذجية.

إقباله على علم الحديث:

بدأ الشيخ حياته بالقراءة العادية جداً جداً؛ كما يبدأ الشباب في ذلك الوقت، فكان يشتري من الباعة قصصاً ويقرؤها مثل: أرسيلوبين اللص الأمريكي، وعنترة بن شداد، و ذات الهمة والبقال ونحو ذلك، ولكن الله -عز وجل- إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه، فلا شك ولا ريب أن توجه الشيخ لعلم الحديث من بعد هذه القصص، أنه منحة إلهية، وتوفيق رباني. ثم بدأ والد الشيخ -رحمه الله- يدرسه الفقه الحنفي، وعلم الصرف.

وحضر عند الشيخ سعيد برهاني قراءة:مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح في الفقه الحنفي، وقرأ شيئاً من كتب النحو والبلاغة العصرية، ثمدفعه والده للقراءة في كتب الأحناف، وختم على والده القراءة تجويداً.

وفي يومٍ من الأيام والشيخ يشتري كتب ألف ليلة وليلة وعنترة بن شداد، إذ به يجد مع بائع الكتب مجلة لفتت نظره، وهي مجلة المنار، والتي كان مسؤولها العلامة الشيخ/ محمد رشيد رضا -رحمه الله- وكان عمر الشيخ حينئذ سبعة عشر سنة فأخذها الشيخ وفتحها فقرأ فيها فصلاً للشيخ محمد رشيد رضا يتكلم فيه عن مزايا كتاب الإحياء للغزالي وينقده من بعض النواحي؛ كالصوفيات والأحاديث الواهية، وذكر أن لأبي الفضل زين الدين العراقي كتاباً خرج فيه أحاديث الإحياء، وميز صحيحها من سقيمها, وهذا الكتاب اسمه: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار.

الأسفار الأولى معناها: الكتب. والأسفار الثانية: جمع السفر وهي الرحلة. فتلهف الشيخ للكتاب الأصلي- كتاب العراقي-وهذا شيء قذفه الله في قلبه، ولا نستطيع أن نقول أنه أتى بتوجيه بشر إطلاقاً، فكيف وقع على المجلة وكيف أنه أعجب بما حصلت الإشارة إليه؟! فسعى لاقتناء الكتاب وهو أربع مجلدات، فاستعارها من دار الحلبي؛ لأنه لم يكن يقدر على شرائها؛ فلما حضر وقت إعادتها كان لا بد له من نسخها، فأخذ يخطها بيده وينسخهاباستخدام مسطرة من كرتون مقوى، وخطوط متوازية حتى نسخ الجزء الأول منها، ثم نسخ الكتاب كله، فكتب بيده ألفين واثنتي عشرة صفحة، فكيف رزق الجلد لإتمام الكتاب؟! هذا شيء من الله، فتأمل طالب مبتدئ وعمره ثمانية عشرة سنة يطلع على كتاب شرعي ثم يأخذه وينسخ ألفين وإحدى عشر صفحة بيده!! هذا شيء لم نسمع عن مثيله في هذا الزمان!!.

ثم بدأ الشيخ يبحث عن معاني الكلمات الغريبة التي تمر به؛ لأن مستوى كتاب العراقي أعلى من مستوى الشيخ بكثير في ذلك الوقت، فبدأ بالرجوع للمراجع العربية، وبدأ يكتب المعاني ويضع حواشي على هذا الكتاب الذي خطه بيده، وهو موجود في مكتبة الشيخ إلى الآن مع تعليقاته عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير