وانظر مثلاً (معاني القرآن) للفراء في تفسير لفظة (وفومها)، قال: (فإن الفوم فيما ذكر لغةٌ قديمة (وهي) «3» الحِنْطَة والخُبْز جميعا قد ذُكِرا. قال بعضهم:
سمعنا (العرب «4» من) أهل هذه اللغة يقولون: فَوِّموا لنا بالتشديد لا غير «5»، يريدون اختبزوا).
إن هذه المسألة ليست بالمسألة اليسيرة، وإن لها تعلقًا بتاريخ المنطقة العربية القديم، ولهجاتها المتعددة منذ القِدم، والتي نراها لا تزال إلى اليوم تتنامى تحت فكرة (الاشتقاق).
وفكرة الاشتقاق أكبر مُولِّد للغة العربية بفروعها كلها، وأكبر سبب في بقائها على مرِّ العصور؛ قبل اللغة المعيارية التي جمعها علماء اللغة، وحكَّموها على غيرها من لهجات العرب التي كانت في وقتها.
وإذا كان القرآن ينطق بالحق والصِّدق، ونحن نعلم ذلك يقينًا،و نعلم منه ـ يقينًا ـ أن نوحًا عليه الصلاة والسلام كان أول الرسل، وقد ذكر الله أسماء أصنام قومه، وهي أسماء عربية (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر)، وأن صالحًا عليه الصلاة والسلام كان قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأن قوم ثمود قبله أيضًا، وهذان اللفظان عربيان بلا ريب، وأن شعيبًا الذي يذكره القرآن مقارنًا لوقت لوط كان عربيًا، وأن إسماعيل نزل عليه قوم من العرب، وأن أمه المصرية عربية الاسم (هاجر)، وأن زوجة موسى عليه الصلاة والسلام بعدهم بقرون كانت عربية الاسم (آسية بنت مزاحم) = أفلا يدلنا هذا على قِدم اللغة العربية، وإن لم تكن بنفس اللغة المعيارية بحذافيرها، لكن بينهما مشترك كبير جدًّا على حسب ما تعطيه هذه الأسماء من دلالات على بقاء الاستقاق في هذه اللغة الشريفة؟
ثم لا يبعد أن تكون تلك اللهجات التي يقال عنها مرة آرامية، ورمة عبرية، ومرة سريانية، ومرة غير ذلك هي لهجات عرب الجزيرة النازحين منها على مرِّ العصور، وفيها خصائص من تلك اللغة الاشتقاقية التي بقي أكثرها، بل تطور إلى ألأحسن في لغة العرب الخالدة التي نزل بها القرآن.
إن موضوع يحتاج إلى مزيد بحث، وإلى أن نكشف عن تلك الزيوف اليهودية والاستشراقية التي مسخة تاريخ منطقتنا القديم، ومسخت لغاتها وتراثها، وجعلت العبرية الهجين أصلاً يقاس عليه، ومن رام معرفة ذلك فليقرأ صفحات من كتب المستشرقين عن لفة القرآن ليرى ما يُضحك الرضيع، والله المستعان.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Nov 2010, 05:40 م]ـ
السلام عليكم
ياجماعة على أي لغة تقيسون؟!
لقد ذهب من كلام العرب شيء كثير.
...
شرفتنا بحضورك وكلامك شيخ مساعد الطيار.
أما أنا - من الجماعة - فأتكلم عن الألفاظ التي وردت في القرآن العربي المبين .. النازل بلسان قريش، المفهوم من مجموع العرب الذين نزل فيهم، وهو ما لم يذهب بحال.
وما كان قابلاً منه - أسماء وأفعالاً - للاشتقاق والتصرف العربي فهو مجال لاعتباره عربياً أو غيره .. وهذا ما نحن بسبيل بحثه هنا.
وقولك: " اللغة المعيارية " مصطلح حادث، يحتاج منك إلى بيان موقعه من البحث اللغوي أكثر ..
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[24 Nov 2010, 11:41 م]ـ
(ابتسامة) الاحظ أن ابا هشام يدخل اليمن ويحشرها في أي بحث. فهل هذا اتجاه أم منهج أم هي دعوة الى يمننة كل ما هو عربي.؟؟!!.بس بالله عليك لا تقل أن آدم يمني وأنه نزل أول ما نزل وحط رحاله في اليمن.
شكراً لأبي هشام على هذا التوضيح.
أخي أبا أنس، بارك الله فيه
أنا حللت لفظا موجودا في اللغة اليمنية
وأظن هذا التحليل يفيد البحث، وهو أقرب من قول بعض المفسرين إنه عبري؛ لأن اليمنية قطعا أقدم من العبرية
ولكن ليس من المؤكد أنها قبل الآرامية السريانية
وليس اتجاها ولا منهحا، ولا دعوة لليمننة
وإنما هو تحليل لغوي سامي مقارن بحت
وبما أن أستاذنا د. مساعد قد ذكر أن صالحا كان قبل إبراهيم
- ومعروف أن هودا قبله - فلا أظنك تجادل أنهما نبيان يمنيان، عليهم السلام جميعا
وإن كان بعض الباحثين - ومنهم شيخنا - يعبر عن اليمن بالعرب، وهذا - في رأيي - غير دقيق
فإذا كانت اليمنية قبل إبراهيم عليه السلام، فليس غريبا أن يكون اسم مريم يمنيا أيضا
فهي نتيجة علمية، وليس تعصبا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Nov 2010, 09:31 ص]ـ
حبيبنا عصام
نعم هو مصطلح حادث، وأيًّا ما كان الأمر، فأنتم تعلمون أن علماء اللغة عندهم تقسيمات للغلة، فمنها المشهور المتداول، والمشهور غيرالمتداول، والقليل، والشاذ ... إلخ.
وأنتم تعلمون أنهم قد انتقدو بعض اللهجات، وجعلوها رديئة، ولا يكون هذا إلا بمعيار يرجعون إليه، وهذا مرادي باللغة المعيارية، وإن كانت تحمل معنى سلبيًا فليتكم تبينونه.
أما أخي الحبيب رصين، فهو يمني إلى النخاع، ولم يبق إلى أن يدعي أن أمريكا يمنية (ابتسامه).
وحبيبنا رصين يعلم أن اليمن له اطلاقات عديدة عند المؤرخين والجغرافيين، ولا أدري لماذا يحصر اليمن بالبقعة السياسية المعروفة اليوم.
ونحن نعلم أن صالحًا أرسل إلى قوم ثمود في شمال الجزيرة، فإن كان يطلق على شمال الجزيرة (اليمن)، فهذا رأي لم أسمع به.
وأنا لا أزال أقول: إننا بحاجة إلى أن نعيد نحن العرب المسليمين بالذات قراءة تاريخ منطقتنا وكتابته من جديد.
وانظر كم أهملنا كتابات علمائنا السابقين، ونظرنا إليها كما ننظر إلى الأساطير، أما الغرب، فقد اعتزَّ بأسفاره (ما يسمونه: الكتاب المقدس)، وجعلها أصلاً يقيس عليه التاريخ واللغة والجغرافيا، ويجعل كل ما قبله وما بعده تبع له.
وانظر مثلاً إلى نتيجة من نتائج بحوث الدكتور كمال الصليبي، وهي: إن اليهود قد ضحكوا على العالم طيلة هذه القرون المتطاولة بادعائهم الأحقية التاريخية في فلسطين، وهم إنما هم من جزيرة العرب (اليمن الكبير: من الطائف إلى بحر العرب)، ومعنى ذلك:
إنَّ أسفار بني إسرائيل صحيحة، وليس فيها أي تحريف في الوقائع والأحداث، وإنما التحريف في الجغرافية فقط، هذه هي نهاية رسالة الصليبي.
فمتى ينبري قومي للدفاع عن تاريخهم بأسلوب علمي محكم؟!
¥