بين أن المنطقة التي يتحدث عنها النص منطقة صحراوية، يركب فيها الرجال والنساء والأطفال على الجمال، وكان يعقوب من ضمن سكان هذه المنطقة القادرين على ركوب الجمال، وكان ليعقوب صهر من غير بني إسرائيل، حدثنا سفر التكوين عن كثير من مشاكله مع يعقوب، بسبب هذا الاختلاف في الهوية؛ وحسب هذا النص فإن لابان أبو راحيل كان يعبد الأصنام، وأن ابنته سرقت أصنامه، فهرب يعقوب ومن معه من لابان صهره الذي تعقبه إلى أن رأى في رؤيا المنام أن لا يمسه بخير ولا بشر، وهو ما فعل. وحتى لا نضيع في الرواية النمطية اليهودية، التي تجعل سكان منطقة بيت الله الحرام مشركين، وبيتهم المحرم بيت شرك، والعلاقة معهم علاقة عداوة، لا يكون فيها السلام إلا استثناء أو خديعة؛ سنسجل مجموعة من الملاحظات:
1) راحيل تسرق أصنام أبيها، 2) هروب يعقوب ومن معه، 3) القيام وعبور النهر، 4) التوجه إلى جبل جلعاد، 5) احترام الحجاج وعدم مسّهم بخير ولا بشر، 6) ضرب الخيمة في الجبل. 7) مسيرة سبعة أيام.
إن سرقة الأصنام لا تعني إلا الشرط من شروط الحج، والذي هو إزالة الأصنام، ولا يعني الهروب إلا ذلك الطواف والسعي حيث يجري الناس بعضهم في إثر بعض، لكن من غير خوف ولا حرب ولا عداوة، وهي مسيرة قد تستمر سبعة أيام قبل أن ينتقل الناس إلى رمي الجمار والوقوف بعرفة.
وبعد هذه المرحلة يأتي الذهاب إلى الوادي والمبيت فيه، في انتظار الصباح من أجل القيام بشعائر رمي الجمي ثم الوقوف بالجبل) جبل عرفة في آخر المطاف)،
ومن الأمور الأساسية في موضوع الحج هو عدم إيذاء الحجاج وقد رأى لابان الأرامي هذا الأمر في رؤيا الحلم حيث كلمه الله، والحقيقة أن الأمن من أهم مميزات هذا البيت الحرام، حيث جعله الله آمنا وجعل الناس مؤتمنين فيه على أموالهم وأنفسهم، بينما يتخطف الناس من حولهم؛ ولم يرجع هذا الأمر إلى رؤيا رآها أحد الناس في هذا البيت أو خارجه، وإنما هو بيت الله الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا.
شاهد العمود والحجارة والرجمة والحلف والذبيحة:
يواصل سفر التكوين تفصيل شعائر الحج مع يعقوب، من خلال قصته مع لابان الأرامي، و يبين لنا شعيرة رمي الجمار، يقول:
فَاجَابَ لابَانُ: «الْبَنَاتُ بَنَاتِي وَالْبَنُونَ بَنِيَّ وَالْغَنَمُ غَنَمِي وَكُلُّ مَا انْتَ تَرَى فَهُوَ لِي. فَبَنَاتِي مَاذَا اصْنَعُ بِهِنَّ الْيَوْمَ اوْ بِاوْلادِهِنَّ الَّذِينَ وَلَدْنَ؟
فَالْانَ هَلُمَّ نَقْطَعْ عَهْدا انَا وَانْتَ فَيَكُونُ شَاهِدا بَيْنِي وَبَيْنَكَ».
فَاخَذَ يَعْقُوبُ حَجَرا وَاوْقَفَهُ عَمُودا
وَقَالَ يَعْقُوبُ لاخْوَتِهِ: «الْتَقِطُوا حِجَارَةً». فَاخَذُوا حِجَارَةً وَعَمِلُوا رُجْمَةً وَاكَلُوا هُنَاكَ عَلَى الرُّجْمَةِ.
وَدَعَاهَا لابَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» وَامَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ»
وَقَالَ لابَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ هِيَ شَاهِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ الْيَوْمَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «جَلْعِيدَ»
وَ «الْمِصْفَاةَ» لانَّهُ قَالَ: «لِيُرَاقِبِ الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَمَا نَتَوَارَى بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ.
انَّكَ لا تُذِلُّ بَنَاتِي وَلا تَاخُذُ نِسَاءً عَلَى بَنَاتِي. لَيْسَ انْسَانٌ مَعَنَا. انْظُرْ. اللهُ شَاهِدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ».
وَقَالَ لابَانُ لِيَعْقُوبَ: «هُوَذَا هَذِهِ الرُّجْمَةُ وَهُوَذَا الْعَمُودُ الَّذِي وَضَعْتُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.
شَاهِدَةٌ هَذِهِ الرُّجْمَةُ وَشَاهِدٌ الْعَمُودُ انِّي لا اتَجَاوَزُ هَذِهِ الرُّجْمَةَ الَيْكَ وَانَّكَ لا تَتَجَاوَزُ هَذِهِ الرُّجْمَةَ وَهَذَا الْعَمُودَ الَيَّ لِلشَّرِّ.
الَهُ ابْرَاهِيمَ وَالِهَةُ نَاحُورَ الِهَةُ ابِيهِمَا يَقْضُونَ بَيْنَنَا». وَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِهَيْبَةِ ابِيهِ اسْحَاقَ [60].
يلاحظ أن هذا النص يضم مجموعة من العناصر التي ينبغي تسجيلها: 1) العهد الشاهد، 2) عمود الحجر، 3) التقاط الحجارة
¥