تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَمَاتَتْ دَبُورَةُ مُرْضِعَةُ رِفْقَةَ وَدُفِنَتْ تَحْتَ بَيْتَ ايلَ تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ فَدَعَا اسْمَهَا «الُّونَ بَاكُوتَ» [63].

يظهر من هذا النص أن الله قد أمر يعقوب أمرا مباشرا بالصعود إلى بيت إيل والقيام بمجموعة من الأمور هناك؛ وهي: 1) الإقامة هناك، 2) صناعة المذبح لله، ويضم تقديم الذبائح والصلوات والأدعية، 3) عزل الآلهة الغريبة، 4) التطهر، 5) تبديل الثياب، 6) والقيام والصعود إلى بيت إيل، 7) إعطاء أقراط الذهب، 8) الرحلة أو السعي، 9) الأمن؛

فقام يعقوب بما أمره به ربه، وبلّغ ذلك لأهل بيته ولكل من كان معه، وأتوا إلى بيت الله، وقاموا بجميع هذه الشعائر في بيت إيل في المكان الذي سماه يعقوب "إيلون باكوت" أي "بلوطة باكوت" أو "سهل بكة" [64].

وتبدأ هذه الطقوس منذ الاستجابة لأمر الله، ونية الصعود إلى هذا البيت، وطبعا فإن الأمر الإلهي بالصعود إلى بيت الله لم يبدأ في عهد يعقوب، كما قد يفهم من النص، وإنما هو فريضة دينية، أمر بها الله عز وجل كل الناس وكل الأمم في كتبه المقدسة وعلى لسان رسله، منذ إبراهيم وإلى آخر الأيام، فريضة دهرية، من لم يستجب لها من الأمم يكون عاصيا لأمر الله ومستحقا لعقوبته [65]؛ وتبعا لترتيب هذه الطقوس في النص الذي بين أيدينا سنرى مسيرة هذه العبادة التي أسسها إبراهيم وقام بها الأنبياء والصالحون من بعده، ومنهم يعقوب عليه الصلاة والسلام وبنوه ومن كان معه:

1) الإقامة، إن على الحاج إلى بيت الله أن يقيم في هذه الأماكن مدة أداء طقوس العبادة، لأن هذه الطقوس لا تؤدى في يوم واحد، وإنما تحتاج إلى أيام عديدة في مواطن مختلفة، توجد كلها في بيت الله الحرام، 2) صناعة المذبح، تعني طقوس العبادة بكل أشكالها، بدءا من الصلاة والدعاء وتقديم القرابين والصدقات والصيام والطواف والعكوف وغير ذلك، وليس معناه تقديم الذبائح فقط؛ ولذلك سمي مكان العبادة مذبحا، واعتبرت الصلوات ومختلف العبادات قرابين وذبائح؛ وهو معنى قول النص "اصعد إلى بيت إيل وأقم هناك واصنع مذبحا للرب"، فيشمل هذا المذبح كل الشعائر والمناسك التي يقوم بها الصاعد إلى "بيت الله". 3) عزل الآلهة الغريبة، إن غاية بناء هذا البيت هو إقامة دين الله الواحد وإفراده بالعبادة والصلاة دون غيره من الآلهة المزعومة، وهي المهمة التي جاء من أجلها إبراهيم، وصار على أثرها إسحاق ويعقوب والأسباط وكل الصالحين من بني إسرائيل. 4) التطهر، فبعد التطهر المعنوي والعقائدي من الشرك والآلهة الغريبة من دون الله، يأتي التطهر المادي والذي يكون عادة قبل إقامة الصلوات والعبادات، ويشمل غسل الجسم والأطراف والثياب ونظافة المحيط الذي يقيم فيه الإنسان. 5) تبديل الثياب، ليس المطلوب تغيير ثياب الإنسان بثياب أخرى كيف ما كان نوعها، ولكن المطلوب هو لبس ثياب تليق بالعبادة، يتجرد فيها الإنسان من بهرج الحياة الدنيا وزينتها، حتى لا تشغله مظاهر اللباس والزينة عن عبادة الله والخشوع له والتذلل له، ولذلك فقط اشترط في هذه الثياب أن تكون في أبسط المستويات، وأن يستغني الحاج عن كل مظاهر الزينة وعن الحلي وما إلى ذلك مما لا يليق بمقام التجرد لتعظيم الله وتقديسه؛ 6) الصعود إلى بيت إيل؛ يمكن إطلاق بيت الله على كل مناسك الحج، وهو ما يسمى إجمالا "الصعود إلى بيت إيل"، كما يطلق بيت الله على البيت المسمى بهذا الاسم، والذي هو واحد من المناسك، وهو البيت المربع الذي يطوف عليه الناس، باعتباره واحدا من شعائر البيت الحرام، وهو الذي يطلق عليه الكعبة، والبيت الحرام، كذلك، وإن كانت هذه الأسماء نفسها يمكن أن تطلق على مجمل المناسك، كما تطلق على هذا المنسك الخاص، والذي هو البيت المكعب الذي يتوسطها؛ والذي يطوف به الناس باعتباره واحدا من مناسك الحج؛ وقد يضم معه منسك الصفا والمروة دون منسك رمي الجمار الذي يطلق عليه مع المناسك التي تجاوره اسم عاي أو الجلجال أو جلعيد أي"الرجمة"؛ ومهما يكن فإن صعود يعقوب بعد أن قام بشروط الصعود المادية والمعنوية، أو ما يسمى الإحرام، والتي رأيناها فيما سبق، فسيقوم في هذه المرحلة بما ينبغي أن يقوم به في هذا البيت، والذي هو الطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، وبعد ذلك ينتقل إلى المرحلة الثانية من هذه المسيرة التعبدية والتي هي مرحلة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير