تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكان سحنون لا يقدم عليه أحداً من أهل أفريقية، ويقول ما بلغ البهلول بن راشد شسع نعل علي بن زياد. قال سحنون: وكان البهلول يأتي إلى علي بن زياد ويسمع منه، ويفزع إليه. يعني في المعرفة والعلم، ويكاتبه إلى تونس يستفتيه في أمور الديانة. وكان أهل العلم بالقيروان إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب. قال وكان علي خير أهل أفريقية في الضبط للعلم ([16] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn16)).

وهكذا انتشر مذهب مالك وتسارع أهل إفريقية إلى الأخذ عنه مباشرة حتى بلغ عنه الرواة من أهل إفريقية أكثر من ثلاثين طالباً.

وكان أسد بن الفرات (213ه) مع نشاطه في رواية الحديث يلقي التفسير أيضاًَ؛ خاصة تفسير المسيب بن شريك. ورحل أيضاً إلى المشرق موسى بن معاوية الصمادحي (226ه) ([17] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn17)) والذي سمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، كما أكثر عن وكيع بن الجراح وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان، ووكيع صاحب تفسير مسند كما كان الشأن لعلي بن زياد في السبق حيث أدخل جامع سفيان الثوري الكبير والأوسط إلى إفريقية.

ثانياً: عصر الدولة الأغلبية في المغرب الأدنى (184 - 296ه/800 - 909م) ودولتي الخوارج (المدرارية، الرستمية) في المغرب الأوسط، ودولة الأدارسة في المغرب الأقصى:

لقد شهدت الجزائر في هذه الفترة، حينما كانت تنعت بالمغرب الأوسط، تأسيس الصفرية دولتهم المدرارية بسجلماسة (140 - 297ه)؛ وتأسيس الإباضية دولتهم الرستمية بتيهرت الجديدة (161 - 297ه) وانشغلت الدولتان ببناء كيانها وتعمير أراضيها فشهدت الفترة هدوءً وسلما مع الدولة الأغلبية إلا قليلاً من المحاولات الفاشلة، وعاش المغرب الأقصى أوضاعه المتقلبة حتى جاء يحيى بن إدريس وكان رجلاً صالحاً حافظًا للحديث، وفي أيامه اختط عبيد الله الباطني المهدية وفرض سلطانه على المغرب الأقصى، فكانت نهاية دولة الأدارسة الأولى.

وكان النشاط العلمي يتزايد في الدولة الأغلبية مع حرصهم وميلهم إلى مذهب أبي حنيفة، حتى وصل بهم الحد إلى تعيين القضاة الحنفية، وجاءت بدعة خلق القرآن، وامتحن بها العلماء وكانت لهم مواقف مشرفة كموقف سحنون مع بعض ولاة الأغالبة ممن تبنى منهج الاعتزال كما تبناه أيضاًَ بعض حكام الأدارسة؛ ووصل الأمر إلى تدريس نظرياتهم في مسجد عقبة إلا أن علماء السنة قاوموا هذا الفكر بقوة وصدرت المؤلفات والفتاوى حتى زال بالكلية من إفريقية، بعد قيام دولة بني عبيد.

أما الإباضية والصفرية فكان لهم نشاط، ودليل ذلك ما شهده جامع عقبة من عقد حلقاتهم العلمية إلى جانب المعتزلة وكان ذاك لمدة نصف قرن من العهد الأغلبي حتى جاء الإمام سحنون فشرّدهم.

وخلاصة القول أن النشاط العلمي كان لكل فرقة، حيث اهتموا بنشر أفكارهم ودعوة الناس إليها، وظهرت الردود السنية وانتشر العلم، فصنف يحي بن سلام (ت200ه) جامعه في الحديث وتفسيره، الذي يعتبر من التفاسير الأثرية، ولذلك عظم شأنه بين الطلبة.

وهذه المكانة دفعت العلماء إلى الاشتغال به وتدريسه واختصاره، ففي بلاد الأندلس اختصره عالمان:

- ابن أبي زمنين (ت 398ه).

- وأبو المطرف القناعي عبد الرحمن بن مروان (ت 314 ه)، واختصاره مفقود.

- كما اختصره ثالث وهو: هود بن محكم الهواري (ت 380ه)، قاضي الإباضية في قبيلة (هوارة) البربرية في الجزائر.

ورتب الإمام سحنون المدونة وذيّل مسائلها بالأحاديث، وصنف محمد بن سحنون شرحاً على الموطأ وكثرت المصنفات في الرد على المعتزلة مثل كتاب الحجة على القدرية لمحمد بن سحنون وكتاب الاستواء لسعيد بن الحداد وغيرهما.

ثالثاً: عصر الشيعة الإسماعيلية (296 - 362ه/909 - 973م)، وقيام دولة الأدارسة الثانية في المغرب الأقصى:

ينتمي العبيديون إلى الطائفة الإسماعيلية من الرافضة، وهم القائلون بإمامة إسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق، رغم اتفاق أهل التاريخ على وفاة إسماعيل في حياة أبيه ويعتبرون أن عبيد الله صاحب إفريقية رابع أئمتهم المستورين، وهم يلقبون بالباطنية والرافضة والملاحدة، لما في مقالتهم من الإلحاد كما سموا بالمشارقة لقدومهم من المشرق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير