تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

9. أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه، وربما ولوه بعض المناصب، ومن رفض قُتل، كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان، وقعت بين الدولة العبيدية وأهل القيروان مقتلة عظيمة، فأمر الشيعي بالكف عن العوام، وافتعل مناظرات صورية، فدارت على علماء السنة محن عظيمة، وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ودفاعهم المستميت عن السنة، قال القابسي: «إن الذين ماتوا في دار البحر -سجن العبيديين- بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، ما بين عالم وعابد ورجل صالح.

10. زادوا في الأذان: «حي على خير العمل»، وأسقطوا من أذان الفجر «الصلاة خير من النوم»، ومنعوا الناس من قيام رمضان، وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة، ومنعوا صلاة الضحى، وقدموا صلاة الظهر لفتنة الناس، أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبًا من الكفر، فتركها الناس، وأقفرت المساجد في زمانهم.

إلى غير ذلك مما فعلوه بأهل السنة، -رحم الله أعلام السنة وقدس أرواحهم-واللعنة على العبيديين-.

رابعاً: دولتا بني زيري أو الدولة الصنهاجية (362 - 449ه/973 - 1057م)، ودولة بني حماد بالمغرب الأوسط ودولة الأدارسة الثالثة بالمغرب الأقصى:

لقد تغيرت الأوضاع ووقع الخلاص نهائيا من أتباع العبيديين، على عهد آخر أمراء صنهاجة بالقيروان وهو المعز بن باديس (407 - 449ه) حيث شهدت الحياة العلمية عصرها الذهبي وعادت بصفة رسمية، الحظيرة إلى أهل السنة والجماعة بعد اضطهادهم والكيد منهم، فبدأت تتكون الشعلة العلمية، مع بعض الرواسب الباطنية التي كان لها الأثر في ظهور التفسير الباطني، والاتساع في مجال التأويل الفاسد، الذي ساعد أرباب الصوفية، في تقديس شيوخهم ورفعهم منزلة لا تليق إلا بالله والملاحظ أنه منهج مقتبس من التفاسير الباطنية الإسماعيلية الرافضية.

خامساً: عصر المرابطين والموحدين (434 - 668ه/1043 - 1270م):

المرابطون هم الملثمون الذين ينتمون إلى قبيلة لمتونة من أعظم قبائل البربر من بطون صنهاجة، وبدأت دعوتهم على يد الفقيه المالكي عبد الله بن ياسين وزعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي، إلى أن وصلت على يد يوسف بن تاشفين وقد أحكم قبضته على المغرب الأقصى، واعتبر هو المؤسس لدولة المرابطين، وراح إلى الأندلس لمواجهة النصارى حتى توفاه الله، وتولى ابنه علي بن يوسف تاشفين الذي سار سيرته، وكان لانتصاراته صدى في المغرب العربي.

وفي أثناء ذلك ظهر محمد بن تومرت، والذي نشأ نشأة دينية، بحيث طلب العلم ورحل إلى الأندلس، ثم إلى المشرق، وعند رجوعه إلى المغرب التقى بالمدعو عبد المؤمن بن علي الذي صحبه وحفظ عنه تعاليم الدين، والذي أصبح فيما بعد المؤسس الحقيقي لدولة الموحدين، بعد سقوط دولة المرابطين في مراكش سنة (541ه)، والذي أحكم قبضته على المغرب الأقصى ثم توجه إلى المشرق حيث توالت انتصاراته حتى وصل إلى طرابلس ونجح في تحقيق وحدة سياسية للمغرب الإسلامي، وأتم الانتصارات بعد وفاته سنة (558ه) ولدُه يوسف بن عبد المؤمن الملقب بمنصور الذي بلغ أوج ازدهار دولة الموحدين، وذاك لما حققه في الأندلس في معركة الأرك التي أوقفت زحف النصارى وزادت من هيبة الموحدين، وبذلك ازدهرت الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

أما الحياة العلمية، فشهدت تكريما لطلاب العلم يفوق الوصف خاصة في دولة الموحدين، وأصبح للعلماء والقضاة شأن عظيم حتى في النفوذ خاصة في دولة المرابطين، وتعود تلك الأسباب، إلى أساس قيام الدولة، حيث أسست ركائزها على مبدأ ديني إصلاحي، لذلك شهدت هذه الفترة إنتاجا علميا كبيرا، خاصة في مجال الدراسات القرآنية، حيث انتشرت الكتاتيب وزاد حفاظ كتاب الله الكريم، وأصبحت الحاجة ماسة لتفسير هذا الكتاب العظيم، كما شهد تفسير ابن عطية (ت541ه) اهتماما لا مثيل له عند المغاربة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير