تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شهدت الحياة العلمية بصفة عامة في عصر العثمانيين، نوعاً من الركود والانغلاق والتقليد، بحيث قل الإنتاج العلمي بصفة عامة، وما بقي إلا تبعية مجردة عن الاجتهاد، حيث كثرت المختصرات وحورب الاجتهاد، وذلك بسبب أمرين رئيسيين: الأول: العوامل الفكرية التي كانت تسيطر آنذاك، من غلق باب الاجتهاد، وفي الوقت نفسه تقديس الأشخاص والمنع من مخالفة أقوالهم. الثاني: توقيف الرحلات العلمية، وانطواء الفكر الداخلي على نفسه، بحيث يعد من خرج عن الفكر الداخلي المعروف آنذاك، قد خالف النظام العلمي، وعيِّر بألقاب منها المشرقي ولا مذهبي والشاذ ... إلى غيرها.

وامتاز هذا العصر بكثرة المختصرات، وكثرة الحواشي على الحواشي، وانهمك الطلبة في حل رموز المختصرات، حتى صعب العلم على الطالب، وأصبح مهما اجتهد لم يبلغ منتهاه، حتى في مذهبه الواحد، وهذه الطريقة ذمها من قبل ابنُ خلدون حيث قال تحت عنوان كثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم: " ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والإنحاء في العلوم يولعون بها ويدونون منها برنامجا مختصرا في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها باختصار في الألفاظ، وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن، وصار ذلك مخلا بالبلاغة وعسرا على الفهم، وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان فاختصروها تقريبا للحفظ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه وابن مالك في العربية والخونجي في المنطق وأمثالهم وهو فساد في التعليم وفيه إخلال بالتحصيل، وذلك لأن فيه تخليطا على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه، وهو لم يستعد لقبولها بعد، وهو من سوء التعليم كما سيأتي، ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها، لأن ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة فينقطع في فهمها حظ صالح عن الوقت ثم بعد ذلك فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات إذا تم على سداده ولم تعقبه آفة فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة وإذا اقتصر على التكرار قصرت الملكة لقلته كشأن هذه الموضوعات المختصرة فقصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين فأركبوهم صعبا يقطعهم عن تحصيل الملكات النافعة وتمكنها، ومن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والله سبحانه وتعالى أعلم". ([21] ( http://www.minbarwahran.net/ar/st1_m5.html#_ftn21))

وخلاصة القول: لم يكن في هذه الفترة نشاط كبير، أما في مجال التفسير اقتُصر على حفظ كتاب الله عز وجل، ولم يكن من العلماء الأفذاذ من يفسره، إلا قليل، ومن القليل، قل من يفسره على طريقة المفسرين من أهل السنة والجماعة على فهم السلف الصالح-والله المستعان.

وإليك أدوار العثمانيين.

دور الولاة الملقبين بيكلر بك (يعني أمير الأمراء بالتركية) (924ه-995ه/1518م-1587م):

بدأ هذا الدور بخير الدين، الذي ألحق بالإسبان هزيمة منكرة ثم تولى بعده حسن أغا سنة (941ه/1534م) ثم عين حسن باشا بن خير الدين والياً على الجزائر (العاصمة) واستولى على تلمسان، ثم تولى الأمر صالح ريس الذي طرد الإسبان من بجاية والمهدية وما لبث أن توفي عاد حسن باشا وأتم الانتصار على الإسبان فهزمهم في مستغانم، واستدعاه السلطان العثماني في حصار مالطة، وخلف بعده علج علي سنة (976ه/1568م).

لم يعرف أحد من المفسرين في هذه الفترة، فيما وصلنا من المصادر والمراجع، وأظن أن سبب ذلك هو أولاً: انشغال أمراء الترك في معرفة المنطقة الغريبة عنهم جغرافياً، مع الحروب مع الإسبان، وثانياً: المدة التي مكثوا فيها في الحكم حيث تعد (71 سنة فقط).

دور الباشوات (995 - 1082ه/1587 - 1671م):

الباشوات لقب يحمله كل ولي ترسله إستامبول وذاك منذ سنة (995ه/1587م) ويحكم الباشا لمدة ثلاث سنوات، وحدث في عهدهم خلاف وثورات بين الجنود والقبائل مما أحدث فوضى عظيمة انتهت بتولي رؤساء البحرية السلطة وهو ما يعرف بحكم الديات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير