وما أدري ما الذي دفع هذا الشيخ الكريمرح1 - الذي لا نعلم عنه إلا التقوى والخير والرشاد السلوكي والتربوي فيما يظهر ونعلم - للوقوع بهذه التأويلات الخارجة عن سنن الرشاد والعلم والهدى والتي تظهر قاطعة بأن مراودتها كانت مراودة بالسوء والفحشاء ... لا إلا زيادة ورع ... لكن الحق أحق من تأويل النصوص بهذه الطريقة وحملها هذه المحامل التي لن تفضي في النهاية إلا إلى تأويلات باطنية والعياذ بالله .. لكن هيهات هيهات أن يعصم عالم من زلة .. أولا تكون له من كبوة ولا نعلم من معصوم في هذه الأمة إلا سيدها محمد رسول اللهصل1
وحقاً كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنسرح1: ما منا إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر ... فدته نفسي وروحي وعرضي عليه الصلاة والسلام
وكتبه العبد الفقير طارق بن عبد الله
ـ[محمد القادري]ــــــــ[05 Dec 2010, 10:49 ص]ـ
وباختصار نذكر بعض النقاط التي اعتمد عليها الشيخ النبهان رحمه الله (بنفيه طلب الزنا من السيدة زليخة):
1 - زواجه بها إن صح فهو دليل قاطع على عدم طلبها الزنا منه (كما أورد ذلك كثير من المفسرين وهو زواج سيدنا يوسف من زليخة)
2 - أن زليخة سيدة مطاعة في قومها، حرة، صاحبة شخصية قوية، وصاحب الشخصية الحر لا ينزل إلى السقاطات والسفالات عقله يسوقه لا شهوته كما في الحديث: عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبايعه، فنظر إلى يديها فقال لها: اذهبي فغيري يديك، قالت: فذهبت فغيرتها بحناء، ثم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على ألا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، قالت: أوتزني الحرة؟ قال: ولا تقتلي أولادك خشية إملاق، قالت: وهل تركت لنا أولادا فنقتلهم؟ قالت: فبايعته ثم قالت له وعليها سواران من ذهب: ما تقول في هذين السوارين؟ قال: جمرتين من جمر جهنم. (وكما هو معلوم أن السيدة هند رضي الله عنها كانت صاحبة شخصية قوية فاستغربت كون الحرة تقبل الزنى)
3 - كلمة (راود) في اللغة تحتمل عدة معاني لا معنى واحد كما يعتقد البعض (من إرادة الفحشاء) ففي الحديث (قد والله راودْتُ بني إِسرائيل على أَدنى .... ) و (حيث يُراوِدُ عمَّه أَبا طالب على الإِسلام ...... ) أو قول بعضنا (راودني شعور غريب ..... )
4 - كلمة (هيت لك) أيضا تحتمل عدة معان وليس معنى واحد وهو (الرغبة بالجماع)
(ففي الصحاح):
(هلم هَلُمَّ يا رجل، بفتح الميم، بمعنى تعالَ. يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث، في لغة أهل الحجاز. قال الله تعالى: "والقائِلينَ لإخْوانِهِمْ هَلُمَّ إلينا". وأهل نجد يصرِّفونها فيقولون للاثنين هَلُمَّا، وللجمع هَلُمُّوا، وللمرأة هَلمِّي، وللنساء هَلْمُمْنَ،
وفي تهذيب اللغة:
قال الفراء بإسناد له عن ابن مسعود أنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: هَيْتَ لك. قال الفراء: ويقال إنها لغةٌ لأهل حَوْران سقطت إلى مكة فتكلموا بها. قال: وأهل المدينة يقرءون: هِيتَ لكَ، يكسرون الهاء ولا يهمِزون. قال: وذكر عن علي وابن
عباس أنهما قرآ: هِئْتُ لك، يراد به في المعنى: تهيَّأتُ لك، وأنشد الفراء:
أبلغ أميرَ المؤمني نَ أخذا العِراقِ إذا أَتَيْتاَ
أن العِراقَ وأهلهَ عُنُقٌ إلأيكَ فَهْيَتَ هيْتا
ومعناه: هُلمَّ هُلمّ. وقال الفراء في المصادر: من قرأ: هَيْتَ لك فمعناه: هَلُمّ لك.
4 - هروب سيدنا يوسف منها لأن سيدنا يوسف شرعي ملتزم بالشريعة لا يجالس النساء ولا يسامرهن هو في البيت للخدمة فقط يدخل ويخرج بحدود الشريعة والأدب فالسيدة زليخة طلبت منه أن يسامرها ويجالسها ويتحدث إليها لا أن تطلب منه الزنا كما يفهم فهي عشقته وعشقت جماله الرباني ورحه الطاهرة وليس للعاشق الحقيقي أن يطلب الزنا من معشوقه وهذه كانت معروفة لدى العرب في الجاهلية وقبلها وقد سأل الأصمعي أعرابياً ذات مرة:
ما العشق فيكم؟ قال: النظرة بعد النظرة، وإن كانت القبلة بعد القُبلة، فهو الوصول إلى الجنّة. فقلت: ليس العشق عندنا كذلك، قال: فما هو عندكم؟ قلت: تفرقُ بين رجليها وتحمل نفسك عليها. فقال: بأبي أنت لستَ بعاشقٍ، إنما أنت طالب ولد.
وأنا في نظري أن رأي الشيخ محمد النبهان هو الأقرب للصواب والله تعالى أعلم.
¥