تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عرفنا فيما سبق هم امرأة العزيز وأنه هم قصد وإرادة لفعل الفاحشة، وليس المهم ذلك، ولكن المهم معرفة الهم الذي صدر من نبي الله يوسف عليه السلام وهو النبي المعصوم فهل همه كهمها أم لا؟

هذا ما سأحاول توضيحه بإذن الله فقد نثر الكلام فيه نثرا فحرصت على جمعه، وترتيبه، وتلمس الأدلة من سياق العبارات وتحديد الأقوال قدر المستطاع.وأهم ما قيل في هم يوسف عليه السلام ما يلي:

القول الأول: أن الهم الذي حصل من يوسف عليه السلام هو الهم بضربها أو أن ينالها بمكروه.

ومن أدلة ذلك قوله تعالى چ ? ? چ چ چ چفالله قد صرف عن نبيه السوء والفحشاء، وعطف الفحشاء على السوء دليل على تغايرهما، ولنفي التكرار، ومن المعلوم أن المراد بالفاحشة الفعلة القبيحة، فالسوء هو الإساءة إليها ليبعدها عما أرادت منه، وقد صرفه الله عنه لأنه لو ضربها لجر التهمة إلى نفسه، ولصدق الناس كل إدعاء قد تقوله.

قال ابن الجوزي رحمه الله: (هم أن يضربها ويدفعها عن نفسه فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه إن ضربها كان ضربه إياها حجة عليه، لأنها تقول: راودني فمنعته فضربني) ([36] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn36)) . وكذا قال القرطبي ([37] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn37)) وابن كثير ([38] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn38)) أيضا.

وقد رد العلماء رحمهم الله هذا القول ولم يرتضوه، فالطبري رحمه الله عند تفسيره للآية قال: (وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف، وتأولوا القرآن بآرائهم، فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة، فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف، وهم بها يوسف أن يضربها،أو ينالها بمكروه لهمها به مما أرادته من المكروه لولا أن يوسف رأى برهان ربه، وكفه ذلك عما هم به من أذاها) ([39] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn39)).

وفي التسهيل قال ابن جزي رحمه الله: من جعل همها به من حيث مرادها، وهمه بها ليدفعها، بعيد لاختلاف سياق الكلام ([40] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn40)).

وقال الشنقيطي رحمه الله: تأويل الهم بأنه هم بضربها، أو هم بدفعها عن نفسه كل ذلك غير ظاهر، بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه ([41] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn41)).

القول الثاني: أن همه عليه السلام هم بالعفة ([42] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn42)).

وهذا مردود بأمرين

الأول: يفهم من هذا القول أن يوسف عليه السلام لم يكن عفيفا، وأنه هم بالعفة وهذا باطل.

الثاني: لم أجد من ذكر هذا القول إلا الماوردي رحمه الله،ولم يذكر دليلا عليه، ولم يشر إليه أحد من المصنفين في التفسير غيره على حسب ما رأيت، وكفى بإهمال العلماء له دليلا على بطلانه.

القول الثالث: أنه هم بالمرأة أن يتزوجها ([43] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn43)).

وهذا القول نسبه ابن الجوزي رحمه الله لابن عباس رضي الله عنهما ([44] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn44)).

وقد بين البغوي رحمه الله ضعفه فقال: (وقيل: همت بيوسف أن يفترشها، وهم بها يوسف أي: تمنى أن تكون له زوجة، وهذا التأويل وأمثاله غير مرضية لمخالفتها أقاويل القدماء من العلماء الذين أخذ عنهم الدين والعلم) ([45] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=131182#_ftn45)).

ويضاف لقول البغوي رحمه الله أن يقال: كيف يهم يوسف بالزواج من امرأة معصومة بزوج يعلم أنها لا تحل له.

ويمكن أن يقال أيضا: الهم بالزواج ليس بإثم والتصريح به لا شيء فيه، والله قد بين أنه صرف عنه السوء والفحشاء، والهم بالزواج لا يدخل في السوء ولا في الفحشاء.

القول الرابع: أنه هم بالفرار منها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير