أما من اعتبر الكلمة " هي طالق ثلاثا " بالبينونة الكبرى فقد اعتدى على أخيه, مع اعتدائه على نفسه, لكونها كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار, فكيف تتخذ ذريعة للحكم و أساسا له؟ لكون الأمر لا ينبني إلا على أساس من تقوى من الله وإلا انهار بصاحبه في نار جهنم.
- وخلاصة القول:
فقول القائل "هي طالق ثلاثا" في مجلس واحد, هي من حيث الشكل كلمة خبيثة لا أصل لها ولا قرار لها، ومن حيث المضمون فهي شهادة زور مع تلفظ بالطلاق.
وينبغي للسامع والحاكم الضرب على يد المتلاعب بالألفاظ, وإجباره بالخضوع للحق الذي لا يسوي بتاتا بين واحدة وثلاثة.
وهكذا يتضح أنه لا داعي للتكلف في استخراج الشواهد, وفي الأحاديث التي جاء بها سعيد رمضان البوطي أقوال ليس هذا محل للرد عليها.
فهل تم استنتاج الحكم من نصوص الكتاب، أم فعلا أن حكمها دخل علينا من باب المصلحة التي لا يشهد لها الشارع لاباعتبار ولا بإلغاء.؟
و- الخروج على الحكام:
?- الخروج على الحكام والمصالح المرسلة:
* مع أقوال العلماء:
قسم صاحب كتاب "الغلو في الدين": الخروج على الحكام إلى أقسام 14 ( http://tafsir.net/vb/#_edn13): الخروج على الحاكم الكافر, الخروج على الحاكم الفاسق والظالم، حدود الغلو في ذلك الخروج.
1 - الخروج على الحاكم الكافر:
لقد أجمع العلماء على أن إمامة الكافر لا تصح ابتداء, فلا يولّى الكافر أمور المسلمين, وإن طرأ عليه الكفر وجب عزله إن أمكن, وإلا خرج عليه المسلمون إن قدروا ... واستدل على ذلك بقوله تعالى:
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59.
فقوله تعالى "منكم" أي من المؤمنين, فمن لم يكن منهم فليس له عليهم حق الطاعة ... 15 ( http://tafsir.net/vb/#_edn14)
2- الخروج على الحاكم الفاسق أو الجائر:
يختلف أهل القبلة اختلافا كبيرا في حكم الخروج على أئمة الجور. وتتعدد الأقوال حتى يتولد من القول عدة أقوال؛ لأن كل فريق يضيف إليه شرطا أو قيدا وتعد هذه المسألة من أعظم مسائل الخلاف في الأمة, حيث أهدرت بسببها الدماء, وسلبت الأموال. يقول الشهرستاني: وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة, إذ ما سل سيف الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان"16 ( http://tafsir.net/vb/#_edn15).
- القول الأول:
ذهب أهل السنة والجماعة إلى تحريم الخروج على أئمة الظلم والجور بالسيف, ما لم يصل ظلمهم إلى حد الكفر. وهذا قول جمع من الصحابة كسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وابن عمر ثم محمد بن مسلمة وغيرهم, وهو مذهب أهل الحديث. ولقد ادعى الإجماع عليه جمع من العلماء منهم النووي, حيث قال: " ... أما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين17 ( http://tafsir.net/vb/#_edn16) ( وإن كانوا فسقة ظالمين) , وقال الكرماني وقد أجمع الفقهاء على أن الإمام المتغلب [ ii] (http://tafsir.net/vb/#_edn17)18 تلزم طاعته ما أقام الجماعات والجهاد, إلا إذا وقع كفر صريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر ... "19 ( http://tafsir.net/vb/#_edn18).
وقال أيضا: " وفي الحديث أن السلطان لا ينعزل بالفسق, إذ في عزله سبب في الفتنة وإراقة للدماء وتفريق ذات البين. والمفسدة في عزله أكثر منها في بقائه "20 ( http://tafsir.net/vb/#_edn19).
- القول الثاني:
ذهبت طوائف من أهل السنة وجميع المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى جواز الخروج على الحاكم بالسيف, بل إلى وجوبه في بعض الأحوال, ونسب الإمام ابن حزم هذا القول إلى جمع من الصحابة الذين روي عنهم الخروج سواء في الفتنة أيام علي ومعاوية أو بعد ذلك يوم الحرة وغيره. 21 ( http://tafsir.net/vb/#_edn20)
ثم ذكر ذلك عن جمع من التابعين وتابعيهم ثم قال: " فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث, إما ناطق بذلك في فتواه, وإما فاعل لذلك, بسل سيفه في إنكار ما رآه منكرا.22 ( http://tafsir.net/vb/#_edn21)
وسرد جزءا مهما من الأحاديث تؤيد وتشهد لهذا المبدأ.
?- الخروج على الحكام والسنن الإلهية:
* - أقوال في الخروج على الحكام:
يقف جل المنظرين لمسألة الخروج على الحكام عند قوله تعالى:
¥