كما قالوا: إن الأبعاد والمسافات الشاسعة بين النجوم والتى لا يمكن حساب بعضها يشير إليه قوله تعالى {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75] فإن مجموعات النجوم التى تكون أقرب مجرات السماء منا تبعد عنا بنحو 700 ألف سنة ضوئية، والسنة الضوئية تعادل عشرة ملايين الملايين من الكيلو مترات للضوء يقطع فى العام نحو 88, 5 مليون ميل أى نحو 6 مليون ميل (مجلة العربى يوليو 1970 م) (الضوء يقطع فى الثانية 186000 ميل) 000، 300 ك م فهذه الأبعاد الشاسعة جديرة بأن يقسم الله بها لعظمها، وهذا وجه من وجوه العظمة وقد يكون منها دقة مساراتها وعدم تصادمها وتحديد الجاذبية فى كل منها، فالآية شاملة وعامة.
وقالوا أيضًا: مما يدل على قوة الاستدلال ببصمات الأصابع على شخصية صاحبها قوله تعالى: {بلى قادرين على أن نسوِّى بنانه} [القيامة: 4] لأن دقة الخطوط واتجاهاتها وعددها لا يكاد يتفق فيها شخصان، فتسويتها يوم القيامة على ما كانت عليه بعد أن كانت ترابًا منثوراً موزعا فى أماكن قاصية دليل قدرة الله تعالى، وهذا وجه من وجوه قدرة الله على بعث الناس يوم القيامة بأجسامهم المشخصة لهم بعد فنائها.
مثل هذه الأمثلة الأخيرة لا يضر توضيح آيات القرآن به أبدا، ولكن الممنوع قصرها على هذه المكتشفات، أو التعسف فى التأويل الذى يخرج به اللفظ عن أصل وضعه اللغوى واستعماله العرفى عند العرب الذين نزل القرآن بلغتهم.
وبعد، فهذا عرض موجز لموقف القرآن من الكشوف العلمية الحديثة رأينا فيه تشجيعه للبحث والنظرة ورأينا دقته حين يعرض لشىء علمى كشف عنه البحث أخيرا، وهذا دليل صدقه وأنه من عند الله وحده أيَّد به رسوله محمدًا صلى الله عليه و سلم. والمقررات العلمية الثابتة ستزيد معانى القران وضوحًا، وهذه صورة من صور التعانق بين العلم والدين، أى العلم الثابت الأكيد ودين الله الذى أنزله هداية للناس جميعًا {سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أوَ لم يكف بربك أنه على كل شىء شهيد} فليكن فهمنا له على ضوء لحقائق الثابتة لا النظريات الفجه، ولنحفظ له قدسيته فلا نقول على الله بغير علم، ولا نجعله حمى مستباحا لكل كاتب يجيل فيه قلمه بما ترمى به الأفكار الشاردة،، فليس كل مجال تباح فيه الحرية للجائلين {ألا إنهم فى مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شىء محيط} [فصلت: 54].
تتمة:
وردت بعض الأحاديث فى مسائل علمية لم يوافق عليها العلم إلى الآن كحديث الذباب إذا وقع فى الإناء والأمر بغمسه كله لأن فى أحد جناحية داء والآخر دواء، وأحاديث أخرى واردة فى الطب.
ويرى ابن خلدون أن الطب المنقول فى الشرعيات ليس من الوحى فى شىء فإن النبى صلى الله عليه و سلم لم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات وقد وقع له فى شأن تلقيح النخل ما وقع فقال أنتم أعلم بأمور دنياكم. وعلى هذا يجوز أن يكون رأى النبى صلى الله عليه و سلم فى مثل هذه الأمور محتملا للخطأ لأنه من أمور الدنيا. لكن لا ينبغى الحكم بذلك إلا بعد البحث الصحيح لمعرفة الرأى الحق العلمى اليقينى فى مثل هذه الأمور والله أعلم.
http://www.islamonline.net/fatwa/arabic/FatwaDisplay.asp?hFatwaID=14694
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[25 May 2005, 05:57 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 May 2005, 09:28 ص]ـ
أشكر الإخوة الكرام على مداخلاتهم المفيدة,
وأود التنبيه على أن هذا الموضوع ليس في الحديث عن التفسير العلمي من حيث هو, فقد تكلم الكثير في موضوع التفسير العلمي, وعسى أن تخرج له كتابة واضحة مستقلة في هذا الملتقى من أهل الذكر فيه.
وأرجو أن لا يُفهَمَ من كلامي قبوله بإطلاق ولا ردّه بإطلاق, وما كتبته هنا إنما هو انطباع ووقفات علمية مع الدكتور النجار وفقه الله ونفع به, من خلال حديثه في المسائل السابقة, وليس فيما كتبت- فيما يبدوا لي- تجنٍّ أو تحامل على شيء, ومثل هذا الظن إنما يُمليه حديث العاطفة لا العلم, وأتمنى ممَّن ذكر ذلك من الإخوة المشاركين إيضاح وجه التحامل وموضعه لأكشف عن وجهه باسماً, أو أرجع عنه راغماً , وقد تركت جُملاً من حديث الدكتور في ذلك اللقاء لا تليق بمثله, وآثرت تجاوزها إلى ما هو أولى منها.
وأشير هنا إلى مسألة: الفائدة العظيمة لهذا النوع من الدراسات في دعوة غير المسلمين, وتقوية إيمان المؤمنين.
وهذه فائدة لا تخفى وهي من واجب أهل العلم في كل زمان, ولكنها ليست خارجة عن الأصول الشرعية والمنهجية في فهم كلام الله تعالى والدعوة إليه, فالعلم قبل القول والعمل, ولا يكون العلم علماً ما لم يكن على منهج أهل العلم في كل فنّ, وهذه الغاية النبيلة لا تبرر لنا التجاوز في تفسير الآيات والأحاديث على غير أصلٍ صحيح. ثم إن حملنا للآيات على هذه المسائل العلمية الحديثة بغير الضوابط الشرعية ولو حصل منه مصلحة ففيه تفويت مصالح, وحصول مفاسد لا تُحمَد معها هذه السبيل.