أشكلت عليَّ عبارة الشوكاني في تفسير هذه الآية ... فهل استشكالي في محله؟؟
ـ[ابواحمد]ــــــــ[28 May 2005, 10:28 م]ـ
قال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير عند تفسيره لقوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .... ) الآية 253 البقرة
حيث قال: (فإياك أن تتقرب إليه صلى الله عليه وسلم بالدخول في أبواب نهاك عن دخولها فتعصيه وتسيء وأنت تظن أنك مطيع محسن).
أولا: أشكل عليَّ عود الضمير الى الرسول عليه الصلاة والسلام، فهل يستقيم أن يكون التقرب الى الرسول؟؟؟
ثانيا: أن بعض النسخ التي إطلعت عليها لم أجد جملة (صلى الله عليه وسلم) بعد قوله (أن تتقرب اليه).مما أكد عندي أن استشكالي كان في محله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2005, 10:24 ص]ـ
إيراد الكلام السابق لهذا المنقول يوضح الأمر أخي أبا أحمد وفقكم الله.
جاء في تفسير (فتح القدير) للشوكاني وهو يناقش مسألة تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض في تفسير قوله تعالى: (ورفعنا بعضهم درجات) قوله وهو يخالف من تعرض لتعيين المراد بقوله (بعضهم) بأنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (وقد جزم كثير من أئمة التفسير أنه نبينا صلى الله عليه وسلم، وأطالوا في ذلك، واستدلوا بما خصه الله به من المعجزات، ومزايا الكمال، وخصال الفضل، وهم بهذا الجزم بدليل لا يدل على المطلوب قد وقعوا في خطرين، وارتكبوا نهيين، وهما:
1 - تفسير القرآن بالرأي.
2 - والدخول في ذرائع التفضيل بين الأنبياء.
وإن لم يكن ذلك تفضيلاً صريحاً، فهو ذريعة إليه بلا شك ولا شبهة؛ لأن من جزم بأن هذا البعض المرفوع درجات هو النبي الفلاني، انتقل من ذلك إلى التفضيل المنهي عنه، وقد أغنى الله نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بما لا يحتاج معه إلى غيره من الفضائل، والفواضل. فإياك أن تتقرب إليه - صلى الله عليه وسلم - بالدخول في أبواب نهاك عن دخولها، فتعصيه، وتسيء وأنت تظن أنك مطيع محسن) أ. هـ.
فالضمير في قوله (تتقرب إليه) يحتمل عوده على:
- لفظ الجلالة في قوله (وقد أغنى الله ... ) فيكون حذف قوله: (صلى الله عليه وسلم) التي هي محل السؤال هو الموافق لهذا التوجيه، ويكون معنى معصية الله هنا، مخالفة نهي نبيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء.
- النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيكون الصواب إثبات لفظ الصلاة والسلام عليه.
والذي يبدو لي - والله أعلم - أن الثاني هو الأقرب لسياق كلام الشوكاني رحمه الله، وأن الضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، وإثبات لفظ السلاة والسلام هو الصحيح كما في أكثر النسخ، وذلك لقول الشوكاني بعد ذلك ( ... نهاك عن دخولها، فتعصيه .. ) فالذي نهى عن التفضيل بين الأنبياء هو النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تفضلوني على الأنبياء) بألفاظه المتعددة التي ذكرها الشوكاني في أول تفسيره للآية. وأما الله سبحانه وتعالى فليس في قوله: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم اللهُ ورفع بعضهم درجات) ما يدل على النهي عن تفضيل بعض الأنبياء على بعض، بل ربما تكون دليلاً على جواز التفضيل، وللعلماء في كون هذه الآية ناسخة للنهي عن التفضيل كلام أشار إليه الشوكاني.
ويبقى بعد ذلك توجيه معنى التقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه بمعنى طاعته صلى الله عليه وسلم واتباعه وطلب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذلك، لا أن العبادة تصرف له صلى الله عليه وسلم. ويؤيد ذلك قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ... الآية) ويكون هذا حملاً للمتشابه من كلام الشوكاني على المحكم المعروف عنه رحمه الله من سلامة معتقده.