تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقدمة معالم التفسير عند السعدي]

ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[13 Sep 2005, 03:03 م]ـ

مقدمة معالم التفسير عند السعدي (1)

د. محمد عمر دولة

الحمد لله الذي (علّم القرآن خلق الإنسان علّمه البيان)، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، إنّ أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

وبعد، فإنّ تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -الموسوم بـ (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان) مدعاةٌ للفخر، ورائعةٌ من روائع هذا العصر؛ وذلك مما يزيد من ثقة هذه الأمّة بعلمائها، ويقينها بأنّ الخير فيها دائمٌ إلى يوم القيامة.

ولا ريب أنّ القارئ المتأمّل لهذا التفسير يجد فيه من الفائدة والانتفاع ما لم يكن يخطر له على بال؛ مما نبيِّن بعض معالمه فيما يلي:

الأول: أنّ هذا التفسير قد جاء موافقاً لروح العصر: في صِغَر حجمه، وخفّة حمله، وقلّة صفحاته؛ بحيث لم تبلغ ألفاً.

الثاني: أنّ (التيسير) قد أبدى من روعة التفسير والبيان ما أوحى بهذا العنوان: (روائحُ الوردِ المنبعثةُ من روائعِ السَّعْدي).

الثالث: أنّ هذا التفسير قد رُزِق حظّاً من اسمه؛ فكان ميسَّراً في عبارته سهلاً في معانيه. وقد شهد بذلك تلميذه العلامة العثيمين - رحمه الله - تعالى -[1].

الرابع: أنّ الشيخ عبد الرحمن السعدي قد اعتنى في كتابه بقضايا العقيدة الإسلامية على منهج السلف الصالح؛ فاهتم بإثبات الصفات [ص 49، 64، 94، 109، 132]، والأسماء الحسنى [ص 110]، وقضايا الإيمان مثل: دخول العمل في مسمى الإيمان [ص 71]، وعدم تخليد الموحّدين في النار [ص 46، 117]، وأنّ العبد قد يكون فيه خصلةُ كفرٍ وخصلةُ إيمان [ص 156]، وأدلّة التوحيد النقلية والعقلية [ص 125]، وخلق الجنة والنار [ص 46]، والرد على القدرية [ص 44]، وذكر صفات الأنبياء [ص 109، 110، 112]، والأدلّة على صحة النبوّات [ص 138].

الخامس: أنّ هذا التفسير قد عمل على ترسيخ الإيمان بالقدر، وبيان ثمراته كالتوكُّل على الله، والتسليم بحكمة الله - تعالى - في ذلك:

ـ فمن ذلك قوله في تفسير: (إنْ ينصرْكم الله فلا غالب لكم وإنْ يخذلْكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فلْيتوكّل المؤمنون) [آل عمران: 160]:"أي إنْ يُمددْكم الله بنصره ومعونته؛ (فلا غالب لكم)؛ فلو اجتمع عليكم مَن في أقطارها، وما عندهم من العَدَد والعُدَد؛ لأنّ الله لا مُغالبَ له، وقد قهر العبادَ وأخذ بنواصيهم؛ فلا تتحرّك دابّةٌ إلا بإذنه، ولا تسكن إلا بإذنه (وإنْ يخذلْكم) ويَكِلْكم إلى أنفسكم (فمن ذا الذي ينصركم من بعده)؛ فلا بُدّ أن تنخذلوا ولو أعانكم جميعُ الخلق؛ وفي ضمن ذلك الأمرُ بالاستنصار بالله، والاعتمادِ عليه، والبراءةِ من الحول والقوة؛ ولهذا قال: (وعلى الله فلْيتوكّل المؤمنون) ... ففي هذه الآية الأمرُ بالتوكّل على الله وحده، وأنه بِحَسَب إيمانِ العبد يكون توكّلُه" [ص 154 - 155].

ـ وكذلك قوله في تفسير: (أَوَ لما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قلْ هو من عند أنفسكم إنّ الله على كل شيء قدير) [آل عمران: 165]:"هذا تسليةٌ من الله - تعالى - لعباده المؤمنين، حين أصابهم ما أصابهم يوم أُحُد، وقُتِل منهم نحو سبعين ... (قلتم أنَّى هذا) أي من أين أصابنا ما أصابنا وهُزِمْنا؟ (قلْ هو من عند أنفسكم) حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تُحِبّون؛ فعودوا على أنفسكم باللّوم، واحذروا من الأسباب المُرْدية (إنّ الله على كل شيء قدير)؛ فإيّاكم وسوءَ الظنّ بالله؛ فإنّه قادرٌ على نصركم، ولكنْ له أتمّ الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم؛ (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منكم ولكن ليبلو بعضكم بعض) " [ص 156].

السادس: أنّ الشيخ قد وُفِّق في إحكام التعريفات والتقاسيم؛ مما يؤكّد مَلَكَته المنطقية، ومعرفته التربوية:

ـ فقد عرّف (الحكمة) بأنها:"وضع الشيء في موضعه اللائق به" [ص 49]، و"هي العلم النافع والعمل الصالح ومعرفة أسرار الشرائع ... فكمال العبد متوقِّفٌ على الحكمة؛ إذ كماله بتكميل قوّتيه العِلْميّة والعَمَليّة ... وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره؛ وبدون ذلك لا يُمكنه ذلك" [ص 115].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير