تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كتاب " إعراب القرآن " ليس لقوام السنة الأصبهاني]

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Jul 2005, 01:58 ص]ـ

((كتاب "إعراب القرآن" ليس لقوام السنة الأصبهاني))

هذا ما خطر في نفسي عند أول تصفحي للكتاب, وقد كانت سعادتي بالغة برؤيته؛ لمكانة موضوعه ومؤلفه رحمه الله, وعند معاينتي للسلعة في المكتبة لم أجد أيَّة عبارة منهجية راسخة في مقدمة المحققة الدكتورة/ فائزة بنت عمر المؤيد - وفقها الله- حول توثيق اسم الكتاب, واسم المؤلف, ونحو ذلك, ومع ذلك اقتنيته لأتحقق من كل ذلك أكثر.

فبدأت بالقوة القريبة, وهاتفت أحد المختصين في التفسير واللغة فلم أجد جواباً, وذكرت له طرفاً من ضعف التحقيق, وتواري الكتاب عن أيدي المختصين, مع أن لمؤلفه الكثير في التفسير؛ فقد ألف: الجامع الكبير في معالم التفسير (30 مجلداً) والمعتمد في التفسير (10 مجلدات) , والإيضاح في التفسير (4 مجلدات) , والموضح في التفسير (3 مجلدات) , وغير ذلك, فوعد الشيخ بالنظر في أمره .. , فانصرفت عنه.

ثم بعد زمن وجدت فسحة للتعرف عليه عن كثب, وأيقنت أن لا طريق لمعرفة ذلك إلا بالقراءة الفاحصة للكتاب, ومحاورة السطور, والتفتيش بينها عن: اسم, أو تاريخ, أو إسناد, أو كتاب, أو منهج عام, أو نحو ذلك مما يقرب إلى الغاية.

وبينما أنا أحزم نصيبي من الكتب والرسائل في هذه (الإجازة!) , إذ بي أقف على بحث في عين هذا الموضوع, في مجلة الحكمة العدد16, بعنوان: نظرات في كتاب إعراب القرآن, للدكتور/ عبد الهادي حميتو, فقرأته, فلم أجد فيه إلا جهداً مشكوراً, ومنهجية علمية راسخة, وأدب جَمّ, ومعاناة في البحث والتنقيب, فجزاه الله كل خير على ما كتب, وقد خلص إلى ما تيقنه حول هذا الكتاب, مما ألخصه فيما يأتي:

أولاً: مؤلف الكتاب هو: أبو الحسن علي بن فضال بن علي بن غالب المجاشعي القيرواني المالكي (ت:479هـ) , واستدل على ذلك بأمور, منها:

- ذكر المؤلف في الكتاب أربعة من مشايخه, وهم: أبو الحسن الحوفي (ت:430) صاحب: البرهان في تفسير القرآن, ومكي بن أبي طالب (ت:437) , وأبو محمد عبد الله بن الوليد (ت:448) , وأبو المؤلف, الذي يروي عنه, عن عم أبيه إبراهيم بن غالب, عن القاضي الأندلسي المشهور منذر بن سعيد البلوطي. وكما ترى فكلهم مغاربة, والحوفي حدث بمصر, وقوام السنة لم يدخل مصر قط فضلاً عن المغرب أو الأندلس.

- أن في إسناد المؤلف عن أبيه عن عم أبيه, والذي تكرر في الكتاب في ستة مواضع أوضح دليل على أن الكتاب ليس لقوام السنة, وقد مرت المحققة بهذه المواضع كلها فلم تفد منها شيئاً!.

- أن منهج المؤلف في آيات الصفات مناقض تماماً لمنهج قوام السنة في كتبه في السنة والصفات خصوصاً, فقد اختط التأويل سبيلاً في ما يمر عليه من الصفات كالإستواء, والرحمة, وغيرهما.

- أن مباحث المؤلف في الكتاب تدل على قدم راسخة في الصناعة النحوية واللغوية, بل هي الغالبة على موضوعات الكتاب, كما لا يظهر فيه كبير حذق أو معرفة بالصناعة الحديثية, وهذا يُباعد الكتاب عن قوام السنة ويقربه من ابن فضال. بل إن المؤلف يستدرك على سيبويه, ويغلط ابن قتيبة, ويرد على الفراء, ويخالف شيخه مكي بن أبي طالب بتمكن واقتدار.

- أن للكتاب نسخة واحدة فقط, منزوعة الصفحة الأولى والعنوان, وقد ذكر مفهرسوها في الفهرس الشامل لمؤسسة آل البيت بعد ذكرهم لاسم الكتاب: لقوام السنة "تخميناً". ولم تعره المحققة بالاً!.

- ثم عقد الباحث مقارنةً بين هذا الكتاب, وبين كتاب "شرح عيون الإعراب" لابن فضال نفسه, فوجد تشابهاً جلياً في المنهج والأسلوب ومباحث الكتابين.

ثانياً: اسم الكتاب هو: "النكت في القرآن", وإعراب القرآن فيه قليل قليل, وفيه من الموضوعات: اللغة والإعراب, واختلاف القراء, والتفسير, واختلاف المفسرين في التأويل, ومباحث في الأصول, وردود على بعض المتكلمين من المعتزلة وغيرهم.

فإذا انضاف إلى هذا النوع من التنوع في الموضوعات, عدم تناول المؤلف لجميع الآيات, وإنما هي أشبه بوقفات مع بعض الآيات, تأكد لدينا بعد الكتاب عن عنوان "إعراب القرآن", ودخوله تحت المصنفات في معاني القرآن, أو المتشابه والمشكل, أو النكت. وقد ذكر في مؤلفات ابن فضال كتابه: "النكت في القرآن", وليس له كتاب في إعراب القرآن, وجميع كتبه في اللغة والتفسير كبيرة الحجم, لا تتوافق مع حجم هذا الكتاب.

ثم ختم الباحث بذكر ملاحظات منهجية في أصول التحقيق والتعليق والعزو التي لم تستوفها المحققة.

فجزى الله الدكتور عبد الهادي خيراً على ما حقق, وجزى الله الدكتورة فائزة خيراً على ما أخرجت من هذا الكتاب.

ومن ثم ينبغي إعادة النظر للكتاب على هذا الأساس, ووضعه في موضعه اللازم له بين كتب التفسير وعلوم القرآن, وإضافة ما فيه من معالم التفسير المالكي لمن له اهتمام بذلك, واستخراج المباحث القرآنية واللغوية المحققة عند المؤلف رحمه الله رحمة واسعة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير