تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما تأكيدى أن أمر هذا الشاعر انتهى إلى الايمان العميق فالدليل عليه النظر في ثبت كتبه، حيث نجد أن أكثرها في تمجيد الله وتعظيمه، وفي الحكم والمواعظ، وتلك الروع التي يحسها من يقرأ آثاره تلك الروح المؤمنة العميقة الايمان، ولا أشك أيضا في أنه أضيف إليه من حساده بعض ما يؤاخذ عليه ((ولعله كان في زمان مثل زماننا)) أعنى كل من أنكر المنكر فيه يرمونه بسوء الاعتقاد ليغروا به الملوك)) ـ كما يقول بعض من نشروا اللزوميات، وعلق عليه ـ وهذا يؤيد مما نقله ياقوت.

هذا عن اعتقاده، ولكن الذي يعنينا هنا هو ما أضيف إليه من أنه عارض القرآن، وإنما قدمنا هذا لنقول أن لا يبعد أن يكون عارض، ولا يبعد أن يكون اتهم بذلك حسدا، والمرجح في ذلك في النظر في الرواية، ورواية معارضته القرآن تتضمن أمرين، الأول أنه عارض، والثاني أنه عارض بكتاب الفصول والغايات، وأخْذُ هذه الرواية جملة يدلنا على أنها مكذوبة فإذا نفينا أن يكون كتابه المشار إليه قد قصد منه المعارضة انتفى أن يكون عارض.

وأول ذلك أن المعرى ذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه ألفه ((في الزهد والعظات))، وتمجيدالله سبحانه وتعالى ((وبعيد جدُّ بعيد أن يكون الغرض من الكتاب كله شاهد صدق على هذه النَية عندَ أبي العلاء، ومن هذه الفقرات ((عَلِم ربنا ما علم، أنى ألفت الكلم، آمل رضاه المسِّلم، وأتّقى سخطه المؤلم فهب لي ما أبلغ رضاك من الكلم والمعاني الغِراب)). كما أن ياقوت متحامل على أبي العلاء، ويكفى أنه صاحب هذه العبارة: (قال المؤلف: كان المعرى، حمارا، لا يفقه شيئا). وهذه عبارة لا يقولها إلا أشد المتحاملين، والمتعصبين على الرجل."

أي أن مسأله معارضة المعرى للقرآن هى فرية لا أساس لها من الصحة .... و عن اعتقادة فهو كان كما حقق سليما .. إلا أنة على أقل تقدير ضلّ ثم أنتهى به الأمر إلى الإيمان العميق ... !

و الحقيقة فإن هذا ليس قول الشيخ فقط .. و إنما يقول مصطفى صادق الرافعى أيضا .. ما يرفع ذلك الأمر عن المعرى تماما ..

يقول ...

" ردّ القول بأن أبا العلاء عارض القرآن بدليلين:

الأوّل: أن الرجل ـ يعنى المعرى ـ أبصر بنفسه، وبطبقة الكلام الذي يعارضه، وما نراه إلا أعرف النّاس باضطراب أسلوبه، وإلتواء مذهبه، وأن البلاغة لا تكون مراغمة للغة، وإغتصابا لألفاظها، وتوطينا لغرائبها كما يصنع)).

الثاني: ((على أن المصرى (رحمه الله)، قد أثبت إعجاز القرآن فيما أنكر من رسالته علي ابن الراوندي فقال: وأجمع ملحد ومهتدى، وناكب عن المحجة ومقتدى، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم)، كتاب بهر بالأعجاز، ولقى عدوه بالأرجاز، ماحذى على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون، ولا في الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب، ولا سجع الكهنة ذوى الأرباب .. وأن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق والزهرة البادية في جدوب ذات نسق)).

ولا يعقل أن يكون الرجل قد أسرّ في نفسه غير ما أبدى من هذا القول، ولم يضطره شيء إليه ولا أعجله أمر عن نفسه، ولا كان خلوّ رسالته منه تضيعا ولاضعفا.

قلت: وهذا كلام واضح ومقنع، لو كانت هذه الرسالة إنما جاءت أولا أعنى قبل الزمن الذي روى الرواة أن أبا العلاء عارض فيه القرآن.

وأيا ما كان فلا حجة يمكن أن يعتمد عليها في نسبة هذا الضيع إلى أبي العلاء. "

هذا و الحمد لله رب العالمين ...

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 May 2005, 09:33 م]ـ

جزاك الله خيراً أخي العزيز أبا المها, وقد سعدت بفضيلة التوافق بين ما كتبتُهُ وبين موضوع الأخ الكريم ابن الشجري الذي لم أقرأه قبل الآن, فالحمد لله.

وفي إضافة أخي حسام جزاه الله خيراً خيرٌ كثير.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير