تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا لا يمنع أن نبحث عن سبب تسمية هذه السورة بسورة يونس مثلا. لقد كان السلف يتفكرون في القرآن فكانوا يبحثون عن سبب وجود آية ما بين آيتين مثلا أو عن الرابط بين سورة معينة و التي تليها إلى غير ذلك. مع أنهم كانوا يعلمون أن ترتيب الآي و السور أمر توقيفي.

ألا يدخل هذا في معنى قوله تعالى " أفلا يتدبرون القرآن "؟

إلى الإخوة الأكارم عبد الرحيم و أبو علي و خالد

بارك الله فيكم على إثارة هذا الموضوع. و قد رأيت من الصالح أن أنقل لكم ما كتبه ابن عاشور في آخر المقدمة الثامنة (من التحرير و التنوير) و الخاصة باسم القرآن و آياته و سوره و ترتيبها و أسمائها. وهي جديرة بالقراءة و التأمل. فإليكموها مختصرة:

... وتسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. فقد كان القرآن يومئذ مقسما إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن مسعود فإنه لم يثبت المعوذتين في سور القرآن وكان يقول " إنما هما تعوذ أمر الله رسوله بأن يقوله وليس هو من القرآن " وأثبت القنوت الذي يقال في صلاة الصبح على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع والخنع. وجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة.وكل ذلك استنادا لما فهمه من نزول القرآن. ولم يحفظ عن جمهور الصحابة حين جمعوا القرآن أنهم ترددوا ولا اختلفوا في عدد سوره وأنها مائة وأربع عشرة سورة روى أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت الآية يقول: ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا. وكانت السور معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة عنه في قراءة الصلاة وفي عرض القرآن فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك عزا ابن عطية إلى مكي بن أبي طالب وجزم به السيوطي في الإتقان وبذلك يكون مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا ولذلك نجد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار ومن ذلك حديث صلاة الكسوف وفي الصحيح أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه امرأة فقال له النبي: هل عندك ماتصدقها؟ قال: لا فقال: ما معك من القرآن؟ قال: سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال " قد زوجتكها بما معك من القرآن " ....

وأما أسماء السور فقد جعلت لها من عهد نزول الوحي والمقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة وقد دل حديث ابن عباس الذي ذكر آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية " ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا " فسورة البقرة مثلا كانت بالسورة التي تذكر فيها البقرة. وفائدة التسمية أن تكون بما يميز السورة عن غيرها. وأصل أسماء السور أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا ثم شاع فحذفوا الموصول وعوضوا عنه الإضافة فقالوا سورة ذكر البقرة مثلا ثم حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه فقالوا سورة البقرة. أو أنهم لم يقدروا مضافا - وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة.

وقد ثبت في صحيح البخاري قول عائشة رضي الله عنها " لما نزلت الآيات من آخر البقرة الحديث " وفيه عن ابن مسعود قال قرأ رسول الله النجم. وعن ابن عباس أن رسول الله سجد بالنجم.

وما روى من حديث عن أنس مرفوعا " لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كله " فقال أحمد بن حنبل هو حديث منكر وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ولكن ابن حجر أثبت صحته. ويذكر عن ابن عمر أنه كان يقول مثل ذلك ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكره البيهقي في شعب الإيمان وكان الحجاج بن يوسف يمنع من يقول سورة كذا ويقول قل السورة التي يذكر فيها كذا والذين صححوا حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر بأن ذلك كان في مكة حين كان المسلمون إذا قالوا: سورة الفيل وسورة العنكبوت مثلا هزأ بهم المشركون وقد روى أن هذا سبب نزول قوله تعالى (إنا كفيناك المستهزئين) فلما هاجر المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ وقد علم الناس كلهم معنى التسمية. ولم يشتهر هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله " باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا " وأخرج

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير