تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإذا كانت هذه الأمور من المسلمات فإن أنصار الاتجاه العلماني يبذلون جهدا استثنائيا لنفي المقصد التشريعي في القرآن إما كليا أو جزئيا ليفصل بين القرآن والحياة فلا يعطي للقرآن أكثر من أثر أخلاقي، ومن ذلك ما يقوله أحدهم و هو يلخص دراسته للجانب التشريعي في القرآن الكريم:"إذا نظرنا إلى الحصيلة النهائية لدارستنا للأحكام القرآنية …فإن الاستنتاج الأول الذي يبرز بكل وضوح هو أن القرآن لم يشرع بالأساس للمعاملات بين الناس" وهو هنا ينفي جانب المعاملات ككل فلا يجعل التشريع للمعاملات مقصدا من مقاصد القرآن الكريم،وفي موضع آخر يخص من ذلك الجانب السياسي فينفي وجود أي تصور سياسي في القرآن يقول:"كل هذا يدل على أن القرآن الكريم لم يأت بأي تصور سياسي … كما أن مراجعة الكتاب العزيز وخاصة آيات الأحكام منه تدل على أن القرآن الكريم لم يعتن عموما بالتنظيم السياسي" أما التبرير الذي يقدمه لما يظنه نتيجة علمية فيلخصه في قوله:"ذلك أن الإسلام والقرآن الكريم دعوة إلى قيم روحانية" وهكذا يتحول الإسلام والقرآن في نظره إلى قيم روحانية خالية من الجانب التشريعي الملزم.مما لا يمكن معه الحديث عن الشريعة الإسلامية لتحل محلها القوانين الوضعية ما دام الجانب التشريعي على حد زعمه ليس مقصدا من مقاصد القرآن!!

ومما يكشف إصرار أمثال هؤلاء على آرائهم المسبقة أن هذا الباحث اعتمد في مصادره على كتاب فجر الإسلام لأحمد أمين لكنه في هذه النقطة خالفه، لأنه لا يدعم توجهه العلماني.أما أحمد أمين فيؤكد ما قرره العلماء من اشتمال أحكام القرآن على كل مجالات النشاط الإنساني بقوله:"تعرض القرآن في آيات الأحكام إلى جميع ما يصدر عن الإنسان من أعمال:إلى العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج، إلى الأمور المدنية كبيع وإجارة وربا، إلى الأمور الجنائية من قتل وسرقة وزنا وقطع طريق، إلى نظام الأسرة من زواج وطلاق وميراث،إلى الشؤون الدولية كالقتال وعلاقة المسلمين بالمحاربين وما بينهم من عهود وغنائم الحرب". والذي ذكره أحمد أمين هنا هو عين ما يجحده كثير من العلمانيين فقد جهلوا أو تجاهلوا أن القرآن تعرض لكل ما يصدر عن الإنسان من أعمال.

التفسير الفقهي بين الأثر و الرأي

يميز العلماء عادة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي وهو تمييز يقوم على التقريب والتغليب ذلك أنه عند التحقيق لا تكاد تجد تفسيرا قام على الأثر وحده ولا تجد تفسيرا قام على الرأي وحده. و التفسير الفقهي ليس استثناء من هذه القاعدة وإن كان إلى الرأي أقرب لما فيه من إعمال للعقل وبذل للجهد لاستنباط الدلالات البعيدة والقريبة للآية على الحكم. ولعل مما يستدل به في هذا الباب استثناء ابن عطية التفسير الفقهي من التفسير بالرأي الذي ورد النهي عنه في حديث جندب ابن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " قال ابن عطية:" و ليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه و الفقهاء معانيه و يقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم و نظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه." واستثناء تفسيرالفقهاء و اللغويين والنحاة إنما كان منه لأنه يعد كل ذلك من التفسير بالرأي إلا أن التحذير الوارد في الحديث لا يشمله لأنه رأي مبني على قوانين علم ونظر.

ولقد عد محمد الطاهر ابن عاشور مشروعية التفسير الفقهي دليلا على جواز التفسير بغير المأثور قال:"وهل استنباط الأحكام التشريعية من القرآن خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام الا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها قبل ذلك"

وإذا كان التفسير الفقهي من التفسير بالرأي فهناك من عده لأجل ذلك من الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يقول:" التفسير الفقهي كما نراه يعد لونا من ألوان الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يهدف إلى تفهم النصوص ومعرفة مراميها ودلا لتها على الأحكام في كافة حالاتها وفق قواعد وضوابط تحفظ المجتهد من الخطأ."

التفسير الفقهي من تفاسير الاختصاص

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير