تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا يستلزم تكفير أكثر من مليار مسلم لايدين بهذه العقيدة وتكفير حكامهم وأولهم الخلفاء الراشدون فما دون بلا استثناء فضلاً عن أجيال المسلمين المتعاقبة عل اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم وما ينتج عن ذلك من مفاسد لايمكن إحصاؤها قد يكون أهونها حرمة مناكحتهم وأكل ذبائحهم وعلى هذه العقيدة بُنيت الفتاوى التي تبيح أموال المسلمين ودماءهم وجواز أو وجوب مقاتلتهم والخروج عليهم!!.

وعقيدة بهذه المنزلة والخطورة لابد أن تكون أدلتها صريحة قطعية في دلالتها، محكمة لايتطرق إليها الشك أو الاحتمال بأي حال من الأحوال وإلا صار الدين لعباً لكل لاعب، وأساسياته عرضة لكل متلاعب وهذه الآية: "آية التطهير"ليست صريحة في الدلالة على عصمة أحد، فضلاً عن عصمة أشخاص معينين محددين، والقول بدلالتها على "العصمة" ظن واشتباه فبطل الاستدلال بها على ذلك، لأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.

وهذا يكفي في رد الحجة وإسقاط هذه العقيدة استدلالاً بالآية الكريمة، لأن الدليل من الأساس فقد صلاحيته للاستدلال على المراد.

ولكن من باب الاستطراد النافع لإخراج آخر شبهة من نفس المقابل الذي يريد الحق للحق بالحق لابأس من مناقشة دلالة الدليل (الآية) بالتفصيل.

2 - عدم دلالة النص "الآية"على "العصمة".

وذلك يتبين من وجوه كثيرة منها:

اولاً: افتقاره إلى السند اللغوي:

فهذا تفسير لاينهض من الأساس لأنه ساقط لغوياً والقرآن نزل بلغة العرب فإذا كانت هذه الألفاظ "التطهير" و"إذهاب الرجس"تعني"العصمة" في هذه اللغة فيمكن حمل النص على مايقولون.

ولكن … إذا كانت هذه الألفاظ لاتعني ذلك في اللغة التي نزل بها القرآن فماذا يكون الجواب؟! والدليل على ما أقول ما يلي:

1 - لاعلاقة للرجس بالخطأ في لغة القرآن.

فلا يعرف من لغة القرآن – التي هي لباب لغة العرب – إطلاق لفظ "الرجس" على الخطأ في الاجتهاد. فإن "الرجس" القذر والنتن وأمثالهما.

يقول الراغب الأصفهاني في "مفردات ألفاظ القرآن"مادة "رجس":

الرجس: الشي القذر يقال: رجل رجس ورجال أرجاس قال تعالى: (رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) "1" … والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر… وجعل الكافرين رجساً من حيث أن الشرك بالعقل أقبح الأشياء قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) "2" وقوله تعالى: (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) "3"، قيل: الرجس النتن، وقيل: العذاب، وذلك كقوله: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) "4" وقال: (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) "5" أ. هـ.

قلت: ولذلك لم يختلف الفقهاء في نجاسة الخمر وإنما اختلفوا في كون النجاسة هل هي معنوية أم حسية؟ لأنها وصفت بالآية بالرجس وما ذلك إلا لأنهم فهموا من وصف الله تعالى لها وللأنصاب والأزلام والميسر بلفظ "الرجس" إنه القذر والنتن والنجاسة ومن قال بنجاستها المعنوية قال هي كقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) "1" والخطاء في الاجتهاد لايمكن أن يوصف بأنه قذر أو نجاسة أو نتن لذلك فهو ليس برجس.

فمن قال: إن الآية نص في التنزيه من الخطأ فقد جاء بما لايعرف من لغة العرب. وإذن فالآية تنهض حجة على العصمة من الخطأ، بل سقط الاحتجاج بها كلياً لأن العصمة لاتتجزأ فإذا لم يكن من وصف بالعصمة معصوماً من الخطأ فهو ليس معصوماً من الذنب لأنهما متلازمان.

2 - " التطهير " و " إذهاب الرجس " لايعني العصمة من الذنب والدليل الواضح على هذا وروده في غير "أهل البيت ".

كما في قوله تعالى: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) "2".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير