تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجملة {وما تلبثوا بها} عطف على جملة {لأتوها}. والتلبُّث: اللبث، أي: الاستقرار في المكان وهو هنا مستعار للإبطاء، أي ما أبطأوا بالسعي في الفتنة ولا خافوا أن تؤخذ بيوتهم.

عاشرا:

والاستثناء في قوله {إلا يسيراً} يظهر أنه تهكم بهم فيكون المقصود تأكيد النفي بصورة الاستثناء. ويحتمل أنه على ظاهره، أي إلا ريثما يتأملون فلا يطيلون التأمل فيكون المقصود من ذكره تأكيد قلة التلبّث، فهذا هو التفسير المنسجم مع نظم القرآن أحسن انسجام.

وقرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر {لأتوها} بهمزة تليها مثناة فوقية، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف {لآتوها} بألف بعد الهمزة على معنى: لأعطوها، أي: لأعطوا الفتنة سائليها، فإطلاق فعل {أتوها} مشاكلة لفعل {سُئِلوا}.

والمعنى العام للآية:

لو دَخلت جيوش الأحزاب المدينة وبقي جيش المسلمين خارجها ـ أي مثلاً لأن الكلام على الفرض والتقدير ـ وسأل الجيشُ الداخلُ الفريقَ المستأذنين أن يُلقوا الفتنة في المسلمين بالتفريق والتخذيل لخرجوا لذلك القصد مُسرعين ولم يثبطهم الخوف على بيوتهم أن يدخلها اللصوص أو ينهبها الجيش: إما لأنهم آمنون من أن يلقَوا سوءاً من الجيش الداخل لأنهم أولياء له ومعاونون، فهم منهم وإليهم، وإما لأن كراهتهم الإسلام تجعلهم لا يكترثون بنهب بيوتهم.


(1) يقول ابن عطية - رحمه الله - في " المحرر الوجيز ":
{ولو دخلت} المدينة {من أقطارها} واشتد الخوف الحقيقي، {ثم سئلوا الفتنة} والحرب لمحمد وأصحابه لطاروا إليها وأتوها محبين فيها {ولم يتلبثوا} في بيوتهم لحفظها {إلا يسيراً}، قيل قدر ما يأخذون سلاحهم، وقرأ الحسن البصري ثم " سولوا الفتنة " بغير همز وهي من سال يسال كخاف يخاف لغة في سال العين فيها واو.

(2) جاء قول الزمخشري - رحمه الله - في الكشاف: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ} المدينة. وقيل: بيوتهم، من قولك: دخلت على فلان داره {مّنْ أَقْطَارِهَا} من جوانبها، يريد: ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة التي يفرون خوفاً منها مدينتهم وبيوتهم من نواحيها كلها. وانثالت على أهاليهم وأولادهم ناهبين سابين، ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة {?لْفِتْنِةِ} أي الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين، لأتوها: لجاؤها وفعلوها. وقرىء: «لآتوها» لأعطوها {وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَا} وما ألبثوا إعطاءها {إِلاَّ يَسِيراً} ريثما يكون السؤال والجواب من غير توقف. أو وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم إلا يسيراً، فإن الله يهلكهم. والمعنى: أنهم يتعللون بإعوار بيوتهم، ويتمحلون ليفروا عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وعن مصافة الأحزاب الذين ملؤوهم هولاً ورعباً؛ وهؤلاء الأحزاب كما هم لو كبسوا عليهم أرضهم وديارهم وعرض عليهم الكفر وقيل لهم كونوا على المسلمين، لسارعوا إليه وما تعللوا بشيء، وما ذاك إلا لمقتهم الإسلام. وشدة بغضهم لأهله، وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه.

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 Jul 2005, 03:08 م]ـ
السلام عليكم

قريب جدا قول إبن عادل في كتابه " اللباب في علوم الكتاب"

قال (قوله: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا} ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب " مِنْ أقْطَارِهَا " جوانبها)

وها هو قول إبن عاشور (والذي أراه أن الدخول كثر إطلاقه على دخول خاص وهو اقتحام الجيش أو المغيرين أرضاً أو بلداً لغزْو أهله،)

وهذه الجيوش عند ابن عادل تتمكن من دخول البيوت إلى جانب دخول المدينة المنّورة

ـ[أبو زينب]ــــــــ[25 Jul 2005, 12:25 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي الكريم جمال - جمل الله صورتك يوم القيامة

بل لا أرى فارقا بين كلام ابن عادل

ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب " مِنْ أقْطَارِهَا " جوانبها

و قول الزمخشري رحمهما الله:

ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة التي يفرون خوفاً منها مدينتهم وبيوتهم من نواحيها كلها.

فما انفرد به ابن عاشور هو تركيزه على حرف الاستعلاء " على " لتخصيص معنى الدخول (غير الولوج).
فهو يقول:
وأنه يُعدّى غالباً إلى المغزوِّين بحرف على
و يقول:
فيفهم من الدخول في مثل هذا المقام معنى الغزو والفتح

أما عن الدخول على البيوت أو المدينة فابن عاشور استبعد البيوت في معنى الضمير في " دخلت " و يؤكد ذلك ما جاء في كلامه في النقطة الثانية أعلاه وهي:
والضمير المستتر في {دُخلت} عائد إلى المدينة لأن إضافة الأقطار يناسب المدن والمواطن ولا يناسب البيوت.

و الله تعالى أعلم.

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 Jul 2005, 05:53 ص]ـ
بارك الله بك وفيك وعليك وحواليك

فواصل أنا من المتابعين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير