23 - قال الإمام أبو السعود في تفسيره إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الحكيم (3/ 42): "?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ? كائناً من كان، دون المخاطبين خاصة؛ فإنهم مندرجون فيه اندراجاً أولياً. أي: من لم يحكم بذلك مستهيناً به منكِراً، كما يقتضيه ما فعلوه من تحريف آيات الله تعالى اقتضاءً بيّناً ? فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? لاستهانتهم به".
24 - يقول علامة الشام جمال الدين القاسمي في محاسن التأويل (6/ 1998): " كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له, وهو الذي نحاه كثيرون وأثروه عن عكرمة وابن عباس).
وهناك نقول أخرى كثيرة انظرها في البحث هناك في الملتفى المفتوح بإذن الله.
3 - توحيد الربوبية والألوهية ومدى علاقته بالحكم بغير ما أنزل الله
" لقد وقفت على رسالة في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تناقض فيها صاحبها وأتى بما لم يأت به من سبقه من الغرائب، وقد قرر في رسالته أن هنالك فرقاً بين من حكم بغير ما أنزل الله دون أن يشرع قانوناً لذلك وبين من وضع قانوناً. فالأول لا يكفر وأما الثاني فهو وكل من حكَّم قانونه أو عمل به كافر خارج من الملة مادام أنه قد علم بمخالفته لحكم الله –وقد رددتُ على ذلك في كلامي تحت عنوان: قبل أن نبدأ-.
ودليله على ذلك: أن التشريع حق لله وحده وأن من شرَّع فإنه يلزمه أمران: رفض شريعة الله إذ لو لم يرفضها لما استبدل بها غيرها والثاني أنه تعدى على حق من حقوق الله وأن ذلك ينافي التوحيد, وأن الله سبحانه قد اختص بأشياء منها العبادة، ومنها الخلق والرزق التدبير، ومنها الحكم والتشريع أيضاً ... إلى أن قال: فمن صرف شيئاً اختص اللّه به لغيره فقد أشرك شركاً أكبر كالذي يعبد غير الله، أو يدعي علم الغيب من دون الله، أو يشرع من دون الله، وهذه قاعدة مطردة لا استثناء فيها ".
أقول ردا عليه: هذه مجازفة، "فالعزُّ والعظمة والكبرياء من أوصاف الله تعالى الخاصة به التي لا تنبغي لغيره" فيما يقول القرطبي في "المفهم", كما في حديث أبي سعيد وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله (ص): "العزُّ إزارهُ، والكبرياءُ رداؤه، فمن ينازعني عذبته".
وقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: "قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبَّة، أو ليخلقوا شعيرة".
قال القرطبي في المفهم (5/ 432): "وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علَّق من حيث تشبهوا بالله تعالى في خلقه، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله تعالى به من الخلق والاختراع".
ومما يؤكد أن المصورين ينازعون الله ما انفرد به، حديث عائشة قالت: "دخل علَّي رسول الله (ص) وقد سترتُ سهوةً لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلوَّن وجههُ, وقال: "يا عائشة، أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يُضَاهُون بخلق الله".
ومع أن المصورين ينازعون الله ما انفرد به، فإن أهل السُّنَّة لم يكفروا منهم إلاَّ من استحل أو قصد العبادة والمضاهاة، أما من لم يستحل، ولم يقصد العبادة والمضاهاة، فليس بكافر.
وأهل السنة كافة لا يكفرون من يستعظم نفسه ويحتقر غيره، وكذلك الخلق والتصوير من خصائصه سبحانه، فنحت التماثيل فيه مضاهاة لخلق الله تعالى, ولم يكفر أهل السنة منهم إلا من استحل ذلك أو قصد العبادة والمضاهاة. وصفوةُ القول أنَّ ثمة أوصافاً إلهية انفردَ اللهُ لها دون خلقهِ، كالكبرياء والعظمة والخلق والتصوير، وأهل السُّنَّة لم يكفروا المنازع له فيها بإطلاق، وإنما سلكوا منهج التفصيل، فكذلك التشريع والحكم إذا لم يكن عن استحلال فليس بكفر، وفاعله فاسق صاحب ذنب كبير، ولا يكفر كسائر الكبائر غير المكفرة –كما يقول الدكتور الفاضل خالد العنبري في هزيمة الفكر التكفيري ص25 - .
¥