فسنتكلم عن البشر الذي نحن منهم فنقول والله أعلم أن المسافة التي تقطعها الملائكة في يوم تساوي مسافة يقطعها البشر في خمسين ألف سنة من أقصي سرعة سيصل إليها البشر بأدواتهم التي تمكنهم من ذلك من خلال عمرهم علي الأرض الي أن تقوم الساعة.
والسرعة كما يقول علماء الهندسة:
هي المسافة المقطوعة في زمن معين
فلو حسبنا سرعة الملائكة فعلينا أن نحول عدد السنين الي أيام فالنضرب عدد السنين في عدد أيام السنة الميلادية بالتقريب
50000× 365=18250000 يوم
ولو حسبنا السنوات التي تكون فيها عدد الأيام 366 يوما فإنها ستزيد الي الربع
50000÷ 4=12500 يوم
وبإضافته
18250000+0012500= 18262500 يوما
وبحساب السنة الهجرية فإن النسبة ستقل.
أي أن المسافة التي نقطعها نحن البشر في ما سنتوصل اليه من أقصي سرعة مستقبلا في يوم للصعود الي السماء في مركبات فضائية وليس سرعة سير علي الأرض (لأن الله هنا يتكلم عن عروج أي صعود) فإن سرعة الملائكة تفوقها ب ثمانية عشر مليونا ومئتان وإثنان وستون الفا وخمسمائة يوما تقريبا أي بنسبة 1: 18262500 تقريبا وقد تزيد والله أعلي واعلم.
يقول البعض أن سرعة الملائكة هي سرعة الضوء وذلك لكونهم مخلوقون من نور فليسمحوا لي بالإختلاف قليلا وليس الخلاف
وسأعطي مثالا صغيرا محسوسا لنا ألا وهي الشمس وهي أقرب النجوم الينا والتي نتبعها فإن ضوءها يصل الينا بعد ثمان دقائق
وهناك أقرب نجم الى الأرض عدا المجموعة الشمسية وهو النجم القطبي فإن ضوئه يصل الينا بعد أربعة الاف سنة ضوئية أي بسرعة الضوء وهذا ما تعلمناه من خلال دراستنا
ويقول الأستاذ الدكتور زغلول النجار في كتابه الإعجاز العلمي في القرآن في تفسيره للأية الكريمة (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا , لا تنفذون إلا بسلطان (33)) الرحمن
فمجرتنا (سكة التبانة) يقدر قطرها الأكبر بمائة ألف سنة ضوئية (100.000*9.5 مليون مليون كيلو متر تقريبا) , ويقدر قطرها الأصغر بعشرة آلاف سنة ضوئية (10.000*9.5 مليون مليون كيلو متر تقريبا) , ومعني ذلك أن الإنسان لكي يتمكن من الخروج من مجرتنا عبر قطرها الأصغر يحتاج إلي وسيلة تحركه بسرعة الضوء (وهذا مستحيل) ليستخدمها في حركة مستمرة لمدة تصل إلي عشرة آلاف سنة من سنيننا , وبطاقة انفلات خيالية لتخرجه من نطاق جاذبية الأجرام التي يمر بها من مكونات تلك المجرة , وهذه كلها من المستحيلات بالنسبة للإنسان الذي لا يتجاوز عمره في المتوسط خمسين سنة , ولم تتجاوز حركته في السماء ثانية ضوئية واحدة وربع الثانية فقط , وهي المسافة بين الأرض والقمر , علي الرغم من التقدم التقني المذهل الذي حققه في ريادة السماء. .. انتهى
وعلينا أن نذكر هنا رحلة الإسراء والمعراج وكيف كانت هذه الرحلة في زمن لا يذكر من صعود رسول الله صلي الله عليه وسلم مع الأمين جبريل الي السماوات العلا وما حدث في تلك الليلة من أيات ثم عودة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا يزال فراشه دافئا ومن هنا يزول الإستغراب والعجب ولتقريب المفهوم نجد ذلك من حديث الإسراء والمعراج:
- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ - وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ - ..... الحديث بطوله (البخاري)
وعلينا أن نقف عند قوله صلى الله عليه وسلم عن البراق وتقريبه لسرعته الجبارة ليصل المفهوم الى صحابته رضوان الله عليهم (يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) فعلينا أن نتخيل منتهى نظر البراق يصل الى أي مدى ليضع حافره عنده وهو ملك من الملائكة له قدراته التي وهبه الله إياها.
وكذا نذكر أيضا مجادلة المرأة لرسول الله في زوجها
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)) المجادلة
وكيف أن الله قد سمع حوارها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنزل الله الوحي جبريل من فوره ولم تأخذ المسألة وقتا من جبريل للنزول من السماء بالأيات لحل هذه القضية.
فما هي هذه السرعة للملائكة؟
فإننا لا نستطيع أن نحسبها في وقتنا الحالي لأنها تفوق سرعة الضوء بمراحل ولا يمكن لإنسان أن يتخيلها أو يحسبها ولكن الله سبحانه قد أعطانا لها نسبة مما نتخيله أو نحسبه لأنه خلق الله المعجز للإنسان ليتضاءل أمام قدرته سبحانه.
وكذا قوله سبحانه:
(يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (5) (السجدة
فنجد أن الملائكة المدبرات أمرا تتلقف أمر الله وتنزل به لتنفذه وليس هذا وحسب ولكن يتم إعطاء تمام التنفيذ كل هذا في يوم يحسب عند البشر من حساب عمرهم الف سنة
إي أن الأمر الذي تنفذه الملائكة في يوم لا يستطيع البشر تدبيره وتنفيذه إلا في الف سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله تعالى عنه في قوله {يدبر الأمر} الآية. قال: ينزل الأمر من السماء الدنيا إلى الأرض العليا، ثم يعرج إلى مقدار يوم لو ساره الناس ذاهبين وجائين لساروا ألف سنة.
وهذا أيضا يعطي مفهوما لقدرة الملائكة الفائقة في سرعة تنفيذ الأمر ما بين استلام أمر التدبير من عند الله في السماء والنزول به وتنفيذه والعروج مرة أخرىوإعطاء تمام التنفيذ أيضا في السماء
وذلك لأن الله يفتح للناس من الأيات القرأنية العلم ليتفكروا ويتدبروا
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)) محمد
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82) (النساء
وذلك من خلال كتاب الملائكة خلق وأسرار وحياة لمؤلفه (محمد حامد سليم)
¥