تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وابن هشام الذي ذكر للحرف (في) عشرة معان في كتابه مغني اللبيب، فإنه في الكتاب نفسه وفي (الباب السادس: في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين، والصواب خلافها، وهي كثيرة، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعًا)

ومن هذه المواضع التي ذكرها الموضع:

الثالث عشر: قولهم: (ينوب بعض حروف الجر عن بعض). وهذا أيضًا مما يتداولونه، ويستدلون به .. وتصحيحه بإدخال (قد) على قولهم (ينوب)، وحينئذ فيتعذر استدلالهم به؛ إذ كل موضع ادعوا فيه ذلك، يقال لهم فيه: لا نسلم أن هذا مما وقعت فيه النيابة. ولو صح قولهم، لجاز أن يقال: مررت في زيد، ودخلت من عمرو، وكتبت إلى القلم، على أن البصريين، ومن تابعهم يرون في الأماكن، التي ادعيت فيها النيابة أن الحرف باق على معناه، وأن العامل ضمن معنى عامل يتعدى بذلك الحرف؛ لأن التجوُّز في الفعل أسهل منه في الحرف). (مغني اللبيب:1/ 861)

وسيبويه في كتابه لم يذكر لـ (في) غير معنى واحد وهو الظرفية والوعاء. وعلى هذا القول كثير من النحاة من أهل التحقيق.

يقول ابن جني في كتابه (اللمع في العربية:1/ 72):

(ومعنى في الوعاء والظرفية تقول: زيد في الدار، والمال في الكيس).

ويقول في كتاب (اللباب في علل البناء والإعراب:1/ 358):

(وأما في فحقيقتها الظرفية كقولك: المال في الكيس. وقد يتجوز بها في غيرها كقولك: فلان ينظر في العلم؛ لأن العلم ليس بظرف على الحقيقه. ولكن لما قيد نظره به وقصره عليه، صار العلم كالوعاء الجامع لما فيه .. وقد تكون بمعنى السبب كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: في النفس المؤمنة مائة من الإبل. أي: تجب بقتلها الإبل. ووجه المجاز أن السبب يتضمن الحكم والحكم يلازمه فصار للحكم كالظرف الحافظ لما فيه).

ويقول الزمخشري في كتابه (المفصل في صنعة الإعراب:1/ 381):

(وفي معناها: الظرفية كقولك: زيد في أرضه، والركض في الميدان. ومنه: نظر في الكتاب، وسعى في الحاجة. وقولهم في قول الله عز وجل: {ولأصلبنكم في جذوع النخل}: إنها بمعنى (على) عمل على الظاهر، والحقيقة إنها على أصلها لتمكن المصلوب في الجذع تمكن الكائن في الظرف فيه)

ويقول ابن الأنباري في كتاب (أسرار العربية:1/ 236):

(وأما في فمعناها الظرفية كقولك: زيد في الدار. وقد يتسع فيها فيقال: زيد ينظر في العلم).

ثانيًا- قال أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط:7/ 216):

(ومعنى {تغرب في عين حمئة}: أي: فيما ترى العين، لا أن ذلك حقيقة كما نشاهدها في الأرض الملساء .. كأنها تدخل في الأرض .. وزعم بعض البغداديين أن في بمعنى عند. أي: تغرب عند عين).

لاحظ قوله: كأنها تدخل في الأرض .. وقوله: زعم بعض البغداديين .. وزعم- عندهم- مطية الكذب. وهذا يعني: أن (في) في الآية معناها الظرفية وكذلك هي فيما نقله الدكتور إبراهيم عوض من قول البيضاوي.

ولو كانت (في) في الآية بمعنى (عند) لما حسن أن يأتي بعدها (عند): {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا} فقولهم: وجدها تغرب عند عين حمئة ووجد عندها قومًا غير مستساغ ..

ثالثًا- كل ما ذكره الدكتور عوض من آيات فإن (في) فيها بمعنى الظرفية والوعاء وهو معنى لا يفارقها أينما وجدت.

ولهذا أرجو من الدكتور عوض- مع احترامي له وتقديري لأهمية ما يكتب- أن يراجع معلوماته في النحو، وأن يراجع معنى (في) فيما استشهد به من آيات في كتب التفسير، فسيجد أن معنى (في) هو الظرفية الحقيقية، أو المجازية، وسيعلم حينئذ أن كل ما ذكره في ذلك من معان غير صحيح. وحينئذ يكون رده على أولئك المتطفلين أنجع .. والله الهادي إلى الصواب.

ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 Sep 2005, 02:38 م]ـ

الدكتور الفاضل إبراهيم عوض

أرسلت لكم رسالة على الخاص فهل وصلتكم؟

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير