تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول ابن القيم _ رحمه الله _ لو علم الناس ما في قرأة القرآنبالتدبر لا اشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأة بتفكر حتى مر بآية هو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر و تفهم، و أنفع للقلب، و ادعى إلى حصول الإيمان و ذوق حلاوة القرآن.

وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح، و هي قوله ((إن تعذبهم فإنهم عبادك و إن تغفرلهم فإنك أنت العزيز الحكيم)) مفتاح دار السعادة 1/ 553 - 554

وقال عبادة ((دخلت على أسماء _ رضي الله عنها _ وهي تقرأ ((فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم)) فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال على ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت و هي تعيدها وتدعو)) التبيان 61

وعن مسروق ((قال لي رجل من مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري، صلى ليلة حتى أصبح أو كاد، يقرأ آية يرددها، ويبكي ((أم حسب الذين اجترحوا السيئات أنجعلهم كالذين آمنوا و عملوا الصالحات)) الجاثية 20 ((سير أعلام النبلاء 2/ 425))

يرددون الآية ليلهم كله

ليذوقوا لذتها

ويستطعمو حلاوتها

رحم الله السلف علموا فعملوا، فأين نحن منهم.

واعلم أخي أن قاصد التدبر في كتاب الله، يحتاج إلى عدة أمور، منها:

1 - النظر في كلام أهل العلم: و قرأة ما كتبوا في تفسير القرآن الكريم، فلا يأتي التدبر دون فهم المعاني، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فتاويه ((وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لايمكن)) فتاوى ابن تيمية 13/ 331_332

وقال أيضا _ رحمه الله _ في مقدمة التفسير ? يجب أن يعلم أن النبي ? لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، كقوله تعالى ? لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ? سورة النحل الآية 44 يتناول هذا و هذا. شرح مقدمة التفسير لابن عثيمين 21

و عليك أخي بتفسير ابن كثير والطبري والسعدي رحمهم الله

2 - معايشة معاني الآيات: وهو من أعظم سبل تدبر القرآن.

عن عبد الله بن شداد بن يقول: ((سمعت نشيج عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإني لفي آخر الصفوف إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)) سنن سعيد بن منصور كتاب التفسير باب تفسير سورة يوسف الآية (86) قوله تعالى قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون.

3 - الوقوف عند الآيات: عن أم سلمة _ رضي الله عنها _ قالت: و كان الرسول صلى الله عليه وسلم ((يقطع قراءته آية آية)) ((الحمدلله رب العالمين)) ثم يقف ((الرحمن الرحيم)) ثم يقف. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ((5000))

4 - الترسل بالقراءة: قال تعالى ((وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث)) قال ابن الجوزي ((على تؤدة و ترسل ليتدبروا معناه)) زاد المسير 5/ 97

و عن حفصة أم المؤمنين _ رضي الله عنها _ قالت: ((كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها)) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين و قصرها، باب جواز النافة قائما وقاعدا وفعل بعض الركعة قائما و بعضها قاعداً

و لكي يتضح المقال نضرب المثال

دعونا نقف مع سورة من سور القرآن و هي سورة الحديد فنتدبر آياتها ونتأمل أسرارها وحكمها.

و قبل أن نبدأ بهذه السورة أسمعوا هذه القصة

أخرج البزار وابن عساكر ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن عمر- بن الخطاب - قال: ((كنت أشد الناس على رسول الله ?

فبينا أنا في يوم حار بالهاجرة في بعض طريق مكة إذا لقيني رجل فقال: عجبا لك يا بن الخطاب أنك وأنك،وقد دخل عليك الأمر في بيتك،

قلت: وماذا ذاك؟

قال: هذه أختك قد أسلمت،

فرجعت مغضباً حتى قرعت الباب،

فقيل من هذا؟

فقلت عمر،

فتبادروا،

فاختفوا مني،

وقد كانوا يقرأون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها فدخلت حتى جلست على السرير،

فنظرت إلى الصحيفة فقلت: ما هذه؟ ... ناولينيها،

قالت: إنك لست من أهلها إنك لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون،

فمازلت حتى ناولتنييها ففتحتها فإذا فيها ((بسم الله الرحمن الرحيم))،

فلما قرأت الرحمن الرحيم ذعرت، فألقيت الصحيفة من يدي،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير