تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما إذا زادت الكتلة الابتدائية للنجم علي خمسة أضعاف كتلة الشمس فلا يتمكن أي من الإليكترونات أو النيوترونات من مقاومة عملية التقلص التثاقلي للنجم فتستمرحتي يصل النجم إلي مرحلة الثقب الأسود , وهذه المرحلة لا يمكن إدراكها بصورة مباشرة , ولكن يمكن تحديد مواقعها بعدد من الملاحظات غير المباشرة من مثل صدور موجات شديدة من الأشعة السينية من الأجرام الواقعة تحت تأثيرها , واختفاء كل الأجرام السماوية بمجرد الاقتراب من مجال جاذبيتها.

ومع إدراكنا لانتهاء حياة النجوم بالانفجار علي هيئة نجم مستعر أو نجم مستعر أعظم , أو بفقدانه للطبقات الخارجية منه وتحوله إلي مادة عظيمة الكثافة شديدة الجاذبية مثل النجوم النيوترونية أو الثقوب السود , إلا أن طبيعة تلك الثقوب السود وطريقة فنائها تبقي معضلة كبري أمام كل من علماء الفلك والطبيعة الفلكية , فحسب قوانين الفيزياء التقليدية لا يستطيع الثقب الأسود فقد أي قدر من كتلته مهما تضاءل , ولكن حسب قوانين فيزياء الكم فإنه يتمكن من الإشعاع وفقدان كل من الطاقة والكتلة وهي سنة الله الحاكمة في جميع خلقه , ولكن تبقي كيفية تبخر مادة الثقب الأسود بغير جواب , وتبقي كتلته , وحجمه , وكثافته , وطبيعة كل من المادة والطاقة فيه , وشدة حركته الزاوية , وشحناته الكهربية والمغناطيسية من الأسرار التي يكافح العلماء إلي يومنا هذا من أجل استجلائها.

فسبحان الذي خلق النجوم وقدر لها مراحل حياتها ...

وسبحان الذي أوصلها إلي مرحلة الثقب الأسود , وجعله من أسرارالكون المبهرة ...

وسبحان الذي أقسم بتلك النجوم المستترة , الحالكة السواد , الغارقة بالظلمة ... وجعل لها من الظواهر مايعين الإنسان علي إدراك وجودها علي الرغم من تسترها واختفائها , وسبحان الذي مكنها من كنس مادة السماء وابتلاعها وتكديسها , ثم وصفها لنا من قبل أن نكتشفها بقرون متطاولة بهذا الوصف القرآني المعجز فقال (عز من قائل)

فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس.

ولا أجد وصفا لتلك المرحلة من حياة النجوم المعروفة باسم الثقوب السود أبلغ من وصف الخالق (سبحانه وتعالي) لها بالخنس الكنس فهي خانسة أي دائمة الاختفاء والاستتار بذاتها , وهي كانسة لصفحة السماء , تبتلع كل ما تمربه من المادة المنتشرة بين النجوم , وكل ما يدخل في نطاق جاذبيتها من أجرام السماء , وهي جارية في أفلاكها المحددة لها , فهي خنس جوار كنس وهو تعبير أبلغ بكثيرمن تعبير الثقوب السود الذي اشتهر وذاع بين المشتغلين بعلم الفلك ..

ومن أصدق من الله قيلا

(النساء:122)

ومن العجيب أن العلماء الغربيين يسمون هذه الثقوب السود تسمية مجازية عجيبة حين يسمونها بالمكانس العملاقة التي تبتلع (أو تشفط) كل شيء يقترب منها إلي داخلها:

( Giant Vaccum Cleanersthat Suckineverythinginsight)

وتبقي الثقوب السود صورة مصغرة للجرم الأول الذي تجمعت فيه مادة الكون ثم انفجر ليتحول إلي سحابة من الدخان , وأن من هذا الدخان خلقت السموات والأرض , وتتكرر العملية اليوم أمام أنظار المراقبين من الفلكيين حيث تتخلق النجوم الابتدائية من تركز المادة في داخل السدم عبر دوامات تركيز المادة

( Accretionwhirls)

أو

( Accretion Vertigos)

ومنها تتكون النجوم الرئيسية

( Main Sequeence Stars)

والتي قد تنفجر حسب كتلتها إلي عمالقة حمر

( Red Giants)

أو نجوم مستعرة

( Novae)

أو فوق مستعرة

( Supernovae),

وقد يؤدي انفجار العمالقة الحمر إلي تكون سدم كوكبية

( Planetary Nebulae)

والتي تنتهي إلي تكون الأقزام البيض

( White Dwarfs)

والتي تستمر في التبرد حتي تنتهي إلي مايعرف باسم الأقزام السود

Black Dwarfs)

وهي من النجوم المنكدرة , كما قد يؤدي انفجار فوق المستعرات الي تكون نجوم نيوترونية نابضة أو غير نابضة

( Non-Pulsating or Pulsating Neutron Stars or Pulsars)

أو ثقوب سود

( Black Holes)

حسب كتلتها الابتدائية , وقد تفقد الثقوب السود كتلتها إلي دخان السماء عن طريق تبخر تلك المادة علي هيئة أشباه النجوم المرسلة لموجات راديوية عبر مراحل متوسطة عديدة

ثم تتفكك هذه لتعود مرة أخري إلي دخان السماء مباشرة أو عبر هيئة كهيئة السدم حتي تشهد لله الخالق بالقدرة الفائقة علي أنه وحده الذي يبدأ الخلق ثم يعيده , وأنه وحده علي كل شيء قدير. ومن المبهر حقا أن يشهد علماء الفلك بأن 90% من مادة الكون المنظور (ممثلة بمادة المجرات العادية) هي مواد خفية لا يمكن للإنسان رؤيتها بطريقة مباشرة , وأن من هذه المواد الخفية: الثقوب السود , والأقزام البنية غير المدركة

( Undetected Brown Dwarfs),

والمادة الداكنة

( Dark Matter)

واللبنات الأولية للمادة

( Subatomic Particles)

وغيرها , وأن كتلة الجزء المدرك من الكون تقدر بأكثر من مائة ضعف الكتلة الظاهرة.

أما عن القسم التالي في السورة والذي يقول فيه الحق (تبارك وتعالي): والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس فهما قضيتان مستقلتان عن الخنس الجوار الكنس سنعرض لهما إن شاء الله تعالي في مقام آخر وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير