تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال شارح العقيدة الطحاوية: (وإن الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور لأن الإقسام بالمخلوق لا يجوز فكيف على الخالق؟! وقد قال: [من حلف بغير الله فقد أشرك] ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه: يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حق كره أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أن يقول الرجل: اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ولم يكرهه أبو يوسف رحمه الله لما بلغه الأثر (1) كما أن القول: بجاه فلان عندك أو نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك ومراده أن فلاناً عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعاءنا. وهذا أيضاً محذور فإنه لو كان هذا هو التوسل الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي لفعلوه بعد موته. وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه يطلبون منه أن يدعو لهم وهم يؤمنون على دعائه كما في الاستسقاء وغيره فلما مات رسول الله قال عمر - لما خرجوا يستسقون -: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. معناه: بدعائه الله لنا وشفاعته عنده وليس المراد أنا نقسم عليك/به/أو نسألك بجاهه عندك إذ لو كان ذلك مراداً لكان جاه النبي أعظم وأعظم من جاه العباس). اهـ

ويروي … أن داود عليه السلام قال: [اللهم إني أسألك بحق آبائي عليك فأوحى إليه: وما حق آبائك علي؟] (2).

وقال أبو الحسن القدوري في شرح كتاب الكرخي:

(قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول: أسألك بمعاقد العز من عرشك. وأن يقول: بحق فلان وأنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام)) قال أبو الحسن: أما المسألة بغير الله فمنكره لأنه لا حق لغير الله عليه وإنما الحق له على خلقه) وفي قول له: (المسألة بخلقه لا تجوز: لأنه لا حق للمخلوق على الخالق فلا يجوز يعني: وفاقاً).وقال ابن بلدجي في شرح المختار: (ويكره أن يدعو الله إلا به. ولا يقول: أسألك بملائكتك أو أنبيائك أو نحو ذلك لأنه لا حق للمخلوق على خالقه).

وقال نعمان خير الدين الحنفي في ((جلا العينين)) وذكر العلائي في شرح التنوير عن التتار خانية: أن أبا حنيفة قال: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به)) وجميع متون الحنفية أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء وبحق البيت الحرام مكروه كراهة تحريم، وهي كالحرام في العقوبة بالنار اهـ.


(1) قال الزيلعي في نصب الراية 4/ 273: هو حديث مرفوع موضوع.
(2) قيل أنه ضعيف وقد رويناه بصيغة التمريض للدلالة على ضعفه وذكرناه استئناساً للمناسبة مع بيان ضعفه.

********************************************

ثانيا: المذهب المالكي:

1 - القاضي عياض (ت:544 هـ) في كتابه الشهير الشفا.

2 - القرافي المالكي (ت:682 هـ): ذكر قصة العتيبي وأقرها في الذخيرة (3/ 375 - 376).

3 - شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن النعمان المالكي المتوفى (683 هـ)، في كتابه مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، قال الخالدي في صلح الإخوان: هو كتاب نفيس نحو عشرين كراسا، وينقل عنه كثيرا السيد نور الدين
السمهودي في وفاء الوفا , في الجزء الثاني في باب التوسل بالنبي الطاهر.

4 - قال الشيخ ابن الحاج المالكي (ت:737 هـ) المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل (ج1/ 259 - 260) ما نصه: " (((فالتوسل به عليه الصلاة والسلام))) هو محل حطّ أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا، لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعِظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ إنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى اللّه تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام ومَن لم يزره، اللهم لا تحرمنا شفاعته بحرمته عندك آمين يا رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم".

وقال أيضا في المدخل (1/ 254): وصفة السلام على الأموات أن يقول:
فان كان الميت المزار ممن ترجى بركته، فيتوسل إلى اللّه تعالى به وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي (ص)، بل يبدأ بالتوسل إلى اللّه تعالى بالنبي (ص)،إذ هو العمدة في التوسل والأصل في هذا كله والمشرع له، فيتوسل به (ص) وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير