تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مفهوم الإشارة في اللغة العربية:

أصل الإشارة من قولهم: شار العسل يشوره شورا وشيارا وشيارة ومشارا ومشارة: استخرجه من الوقبة واجتناه.

قال أبو عبيد: شرت العسل واشترته: اجتنته، وأخذته من موضعه (2).

وقالوا: شار الدابة يشورها شورا: إذا عرضها لتباع (3).

والشارة عند العرب والشورة: الهيئة واللباس (4).

ومنه الحديث " أن رجلا أتاه وعليه شارة حسنة " (5).

واستنادا إلي استعمال العرب يلاحظ أن أصول مادة " شار " تدل علي عدة معان منها:

[عرض الشيء , وإظهاره , والإيماء إليه]

ولهذا قالوا: رجل حسن الشارة حلو الإشارة ,وفلان صير شير: حسن الصورة والشارة (6)

ولما كان اللباس والهيئة عرَضَين يعرف الإنسان بهما.

قالوا: الشوار والشارة: اللباس والهيئة. قال زهير: من البسيط:

مقورة تتبارى لا شوار لها إلا القطوع علي الأكوار والورك (7).

وتتطور مادة " شور " التي تحمل في ثناياها معني إبداء الشيء وإظهاره وعرضه , من دلالة ظاهرية سطحية، تستند إلي هيئة الشيء إلي دلالة باطنه عميقة تعتمد علي ما في غور النفس؛ فتعبر عنها، وتحكي مضامينها عن طريق الإشارة.

جاء في حديث إسلام عمرو بن العاص: " فدخل أبو هريرة فتشايره الناس " أي: اشتهروه بأبصارهم , كأنه من الشارة وهي الهيئة " اللباس (8).

وترتقي الإشارة من البصر إلي الإصبع التي تحكي بإشارتها , وتعبر بحركتها فأسموها:

" المشيرة " قالوا:. وأومأ إليه بالمشيرة أي: بالإصبع السبابة (9).

-------

وتكتسب الإشارة آلية الكلام منذ عهود الإنسانية الأولي، أو ربما كانت مصاحبة له , وبناء عليه يظهر مصطلح الإشارة الذي يدل علي الكلام , قالت العرب: أشار الرجل يشير إشارة إذا أومأ بيديه (10).

والإيماءة تدل علي معني من أمر ونهي أو سواهما مما يقتضيه المقام.

وفي الحديث:" أنه – صلي الله عليه وسلم – كان يشير في الصلاة " أي: يوميء باليد والرأس ,

يعني: يأمر وينهي بالإشارة (11).

-------

ثم تتطور دلالة الإشارة حيث تقترن بالكلام، ويطلق علي الكلام إشارة , ولذلك سمّت العرب الخطبة (مشوارا) ولقد جاء عنهم " إياك والخطب فإنها مشوار كثير العثار " (12).

وتلتصق كثير من الدلالات بالأصابع فالعرب تقول: " ما فارقتك شبرا ولا فترا ولا عتبا ولا رتبا ولا بصما، - والبصم ما بين الخنصر والبنصر , والعامة تستخدمه الآن في إقرار الأمي علي العقد.

أما العتب والرتب فما بين الوسط والسبابة.

والفتر ما بين السبابة والإبهام.

والشبر ما بين الإبهام والخنصر.

والفوت بين كل إصبعين طولا (13).

وفي حديث النبي – صلي الله عليه وسلم – للرجل الذي كان يشير في الدعاء: أحّد أحّد .... أراد أن إشارته كلها مختلفة فما كان منها في ذكر التوحيد والتشهد فإنه كان يشير بالمسبحة وحدها , وما كان في غير ذلك كان يشير بكفة كلها ليكون بين الإشارتين فرق.

ومنه: إذا تحدث اتصل بها أي: وصل حديثه بإشارته تؤكده) (14).

وهذا الالتصاق بين الإشارة والمعاني له أصول قديمة يذكرها ابن جني فيقول في حديثة عن أصل اللغة وأن منها ما نشأ من المواضعة:

" فكأنهم جاءوا إلي واحد من بني آدم فأومئوا إليه، وقالوا: إنسان , إنسان , إنسان، فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق.

وإن أرادوا سمة عينة، أو يده، أشاروا إلي ذلك , فقالوا: يد، عين، رأس ..... " (15)

وهذا يعني أن للإشارة صلة بالفطرة الإنسانية.

ولا يكاد الإنسان يستغني عنها، لأنها إن لم تكن وسيلة بيان فهي معينة عليه، ومنبهة إليه، يقول شمس الحق العظيم أبادي [دأب الوعاظ، والقصاصون أنهم يحركون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون السامعين علي الاستماع ..... ] (16).

وقد لحظ شراح الحديث النبوي هذا الأمر فجعلوا له باباً خاصاً فتراهم يقولون مثلاً " باب الإشارة في الخطبة ... وباب الرجل يشير بيده ... وباب رفع اليدين علي المنبر ... الخ.

كل ذلك دليل ساطع علي مكانة الإشارة في البيان العربي.


الإشارة في بيان القرآن الكريم
لم يرد ذكر للفظ الإشارة في القرآن الكريم إلا في موضع واحد،في سورة مريم.
وذلك قوله تعالي: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً) (مريم:29)
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير