2 ـ أن يستثني صفة ذمّ من صفة مدح منفية عن الشيء، كقوله:
خلا من الفضل غير أنّي ق أراه في الحُمق لا يجارى
التوجيه
التوجيه: وهو أن يؤتى بكلام يحتمل أمرين متضادين كالذمّ والمدح، والدعاء له وعليه، كقوله - في خيّاط اسمه عمرو، وكان أعور -:
خاط لي عمرو قباءأً ق ليت عينيه سواء
قلت شعراً ليس يدري ق أمديح أم هجاء
والفرق بين التوجيه والتورية: أن التورية لا تكون إلا فيما له معنيان بأصل الوضع، بخلاف التوجيه.
نفي الشيء بإيجابه
نفي الشيء بإيجابه: وهو أن ينفعي شيئاً عن شخص فيوهم اثباته له في الجملة، نحو قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) (25).
وكقوله للخليفة:
لم يُشغَلَنْك عن الجهاد مكاسب ق ترجو ولا لهو ولا أولاد
فإنه يوهم اشغال المكسب له في الجملة - كما في الأولاد - مع أنه لا كسب للخليفة.
القول بالموجب
القول بالموجب: وهو أن يحمل كلام الغير على خلاف مراده، كقوله:
وقالوا قد صفت منّا قلوب ق لقد صدقوا ولكن عن ودادي
فإنهم أرادوا الخلوص له، فحمله الشاعر على الخلوّ من وداده.
ائتلاف اللّفظ والمعنى
ائتلاف اللفظ والمعنى: وهو أن يُختار للمعنى المقصود ألفاظ تؤديه بكمال الوضوح، كقوله ـ في الذمّ ـ:
ولو أن برغوثاً على ظهر قملة ق تكرّ على صفيّ تميم لولّت
وكقوله في المدح:
اذا ما غضبنا غضبة مضرية ق هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
التفريع
التفريع: وهو جعل الشيء فرعاً لغيره وذلك بأن يُثبت لمتعلّق أمر حكماً بعد أن يُشتبه لمتعلّق آخر على نحو يُشعر بالتفريع، كقوله:
طبّه ينفي المرض ق فقهه ينفي البدع
فله الله طبيباً وفقيهاً متّبع
الإستتباع
الإستتباع: وهو الوصف بأمر على وجه يستتبع الوصف بأمر آخر، مدحاً أو ذماً، مدحاً كقوله:
سمح البديهة ليس يمسك لفظه ق فكأنما ألفاظه من ماله
وذمّاً، كقوله ـ في قاضٍ ردّ شهادته برؤية هلال شوال ـ:
أترى القاضي أعمى ق أم تراه يتعامى
سرق العيد كأنّ الـ ق عيد أموال اليتامى
السلب والإيجاب
السلب والإيجاب: وهو أن يسلب صفة مدح أو ذم عن الجميع ليثبتها لمن قصد، فالمدح كقوله:
كل شخص لقيت فيه هنات ق غير سلمى فخلقها من فضائل
والذم، كقوله: (لا أرى في واحد ما فيه من جمع الرذائل).
ويسمّى السلب والإيجاب: الرجوع أيضاً بمعنى العود على الكلام السابق بالنقض لنكتة، كقوله:
وما ضاع شعري عندكم حين قلته ق بلى وأبيكم ضاع فهو يضوع
الإبداع
الإبداع: وهو أن يكون الكلام مشتملاً على جملة من المحسنات البديعية، كقوله تعالى: (وقيل يا أرض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضي الامر واستوت على الجوديّ وقيل بُعداً للقوم الظالمين) (26).
قيل: أنّه يوجد في هذه الآية الكريمة اثنان وعشرون نوعاً من أنواع البديع اشيرها إليها في المفصّلات.
وكقوله:
فضحتَ الحيا والبحر جوداً فقد بكى الـ ق حيا من حياء منك والتطم البحر
الأسلوب الحكيم
الأسلوب الحكيم: وهو اجابة المخاطب بغير ما سأل، تنبيهاً على كون الاليق هو السؤال عمّا وقع عنه الجواب، كقوله تعالى: (يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحجّ) (27) فإنهم لّما لم يكونوا يدركون سبب اختلاف أشكال الهلال، اجيبوا بما ينبغي السؤال عنه، وهو فائدة اختلاف الأهلّة.
وكقوله:
قلت: ثقلتُ إذ أتيتُ مراراً ق قال: ثقّلتَ كاهلي بالأيادي
قلت: طوّلتُ، قال أوليتَ طَولاً ق قلت: أبرمتُ، قال: حبل ودادي
تشابه الأطراف
تشابه الأطراف: وهو أن يكون بدء الكلام وختامه متشابهين لفظاً أو معنى:
الأول: وهو التشابه في اللّفظ كقوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنّها كوكبٌ درّيّ) (28).
الثاني: وهو التشابه في المعنى كقوله:
سم زعاف قوله وفعاله ق عند البصير كمثل طعم العلقم
فإن العلقم يناسب السمّ في المذاق.
العكس
العكس: وهو أن يكون الكلام المشتمل على جزئين أو أكثر، في فقرتين، فيقدم ما أخّره في الفترة الأولى، ويؤخّر ما قدّمه، كقوله تعالى: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ) (29) وكقوله:
في هواكم يا سادتي متُّ وجداً ق متُّ وَجداً يا سادتي في هواكمُ
الهزل
الهزل: وهو أن يأتي بهزل يراد به الجدّ، كقوله:
إذا ما جاهلي أتاك مفاخراً ق فقل: عَدّ عن ذا كيف أكلك العنب
الاطراد
الاطراد: وهو أن يأتي باسم من يقصده واسم آبائه على ترتيب تسلسلهم في الولادة بلا تكلّف في السبك، كقوله:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ق بعتيبة بن الحارث بن شهاب
ومنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم (30).
تجاهل العارف
تجاهل العارف: وهو أن يرى المتكلّم نفسه جاهلاً، مع أنه عالم، وذلك لنكتة كقوله: (أمنزل الأحباب ما لك موحشاً ( ... ؟
أما إذا وقع مثل ذلك في كلام الله سبحانه، كقوله تعالى: (وما تلك بيمينك ياموسى) (31) أو في كلام أوليائه، فلا يسمّى بتجاهل العارف، بل يسمّى حينئذ: ايراد الكلام في صورة الإستفهام لغاية.