تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ: فالضمير إما أن يرجع على أقرب مذكور، وهو الخليل عليه السلام فهو الذي سماكم بالمسلمين لما دعا: "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ"، أو هو راجع على الرب، جل وعلا، وهو ما رجحه صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فيكون ذلك من قبيل الالتفات فانتقل من ذكر الخليل عليه السلام، إلى ذكر تسمية الرب، جل وعلا، للمسلمين باسمهم، ويرجح الأول أنه جار على الأصل المطرد في لسان العرب من عود الضمير على أقرب مذكور، ويرجح الثاني أن الأسماء والأحكام: الأصل في إطلاقها أن يكون من الرب، جل وعلا، فهي من جملة الوحي: الفرقان المبين بين المؤمنين والكافرين، فسمى كلا باسمه، فالمؤمن والكافر والفاسق والظالم ..... إلخ أسماء شرعية علقها الرب، جل وعلا، على أوصاف، فمتى تحقق الوصف تحقق الاسم، ومتى انتفى انتفى، فيدور معه وجودا وعدما.

وَفِي هَذَا: فاسم الإشارة راجع على غير مذكور في السياق، وهو القرآن، فذلك مئنة من نباهة ذكره فيكفي في الدلالة عليه: الإشارة إليه وإن لم يتقدم له ذكر.

لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ: فذلك مما بين في مواضع أخر من التنزيل، من قبيل: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)، فتلك شهادة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، و: (كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، فتلك شهادة أمته فهم العدول فلا إفراط ولا تفريط.

فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ: فذلك لازم العدالة التي صيرتهم شهودا على غيرهم، أو هو من جنس الشكر على اجتباء الرب، جل وعلا، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فاشكروا له أن اصطفاكم على العالمين بالمدوامة على الطاعة التي ذكر من أفرادها: الصلاة والزكاة على جهة التمثيل للعام بذكر بعض أفراده.

وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ: فذلك من قبيل العام، فالاعتصام به، جل وعلا، يكون في العلم والعمل، في السر والعلن .......... إلخ، فعطف العام على الخاص تنويها بشأن الخاص، فالصلاة والزكاة أعظم ركنين بعد الشهادة، ثم جاء التذييل بعلة الأمر بالاعتصام فـ: هُوَ مَوْلَاكُمْ: على جهة القصر الحقيقي بتعريف الجزأين، فهو مولاكم: فلا مولى لكم إلا هو، فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ: فذلك من التذييل بما يلائم السياق، فبين: "مَوْلَاكُمْ" و: "الْمَوْلَى": مجانسة تزيد المعنى بيانا، فولايته، عز وجل، أكمل ولاية، ونصرته، أعظم نصرة، فـ: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ).

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير