تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التشريع فضلا عن قرينة اللفظ، فـ: "أل" الداخلة على اسم الفاعل الذي يعمل عمل مضارعه، وإن كان أضعف منه، مظنة الوصل، فلفظ: "السارق" يكافئ قولك في غير التنزيل: والذي يسرق، فتقوم "أل" مقام الموصول الاسمي، ويقوم اسم الفاعل مقام مضارعه، وعادة الله، عز وجل، في العصاة، ألا يفضحهم، بأول فعلة، كما قد أثر عن عمر، رضي الله عنه، فـ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَفْضَحُ عَبْدَهُ بِأَوَّلِ مَعْصِيَةٍ، فالمضارعة دليل على تجدد الفعل واستمراره، وإن لم يظهر منه إلا آخر مراته، فيبعد أن يقع سارق من أول سرقة، أو زان من أول فعلة، وتلك من صور ستر الرب، جل وعلا، للعصاة ورحمته بهم.

وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ: فيجري عليه، أيضا، ما يجري على المنفق، فـ: "أل" فيه موصولة، وصلتها تنزل منزلة المضارع فتلك ملكة راسخة فيه، فتقدير الكلام: والذي يسبل إزاره، وهو مطلق في هذا السياق، فذلك وعيد المسبل مطلقا، ولا يلزم من ذلك، كما قرر من تكلم من المحققين من أهل العلم في مسائل الأسماء والأحكام، لا يلزم منه نفاذ الوعيد في حق كل مسبل بل قد يمتنع نفاذه في حق أفراد لقيام المانع من جهل أو تأويل أو حسنات ماحيات ....... إلخ، وقد جاء الفعل مقيدا بوعيد آخر في سياق آخر: "لا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ"، فمن أهل العلم من حمل الإطلاق في السياق الأول على القيد في السياق الثاني، فلا يكون الوعيد إلا في حق من جر إزاره خيلاء، فيكون ذلك من صور حمل المطلق على المقيد، كما قرر أهل الأصول، ومنهم من أعمل النصين، فنص في وعيد من جر مطلقا، ونص في وعيد من جر خيلاء. وهذا الوجه أولى ففيه إعمال لنصوص الباب والإعمال أولى من الإهمال كما قد قرر ذلك من تكلم في مبحث الجمع بين الأدلة المتعارضة وهو مبحث أصولي نافع.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير