تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المهازل الانتخابية في البلاد العربية الديمقراطية! التي تشترى بها الأصوات بأبخس الأثمان فقد يشترى الصوت، أحيانا، بوجبة دسمة! وتلك قيمة الإنسان في غياب حكم النبوة.

فمنصب الرياسة السياسية ما وضع في هذه الشريعة الربانية على حد الوجوب إلا لحفظ الدين بل إقامته لتساس به الدنيا، فالوحي مهيمن بأحكامه على أمور المعاش، فلا تكون سياسة مرضية إلا إذا كانت شرعية، وذلك ما يقض مضجع العلمانية التي تهيمن في زماننا على مقاليد الأمور في أغلب أمصار المسلمين، فشعارها المعلن بلا خجل: لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين، وذلك إقصاء صريح للوحي عن منصب الرياسة لتتولاه عقول البشر التي تشرع تبعا لأهوائها وأذواقها، مع تجمل أصحابها بعبارات الاحترام للدين، فهو مكون رئيس من مكونات النفس البشرية، فلا تستقيم أحوالها إلا به، ولكنه مكون وجداني لازم لا يتعدى أثره إلى واقع الحياة، فليس إلا تصورات، ومشاعر باطنة، وشعائر ظاهرة، على أحسن الأحوال!، فتمارس في دور للعبادة، من جنس كنائس ما بعد الثورة الفرنسية!، فمفهوم العبادة قد تقلص فلا يتعدى حدود دور العبادة، فتصير الدنيا، مع غياب سلطان الشرع، ميدانا للتصارع بين المتنافسين على مناصب الملك والإمارة، فكلٌ يكذب قدر استطاعته ليتألف قلوب الجماهير بوعود معسولة فالمستقبل معه وحده، والتنمية لن تتحقق إلا على يديه، والكذب بضاعة رائجة في طرائق السياسة النفعية وإن كانت كاسدة في طرائق السياسة الشرعية.

ثم جاء ذكر الصنف الثالث وهو أيضا قد اتصف بنقيض حاله، فـ: عائل مستكبر:

فليس له من أسباب الكبر نصيب، فكان اتصافه به بل حرصه عليه، فقد قصده قصدا، كما تدل على ذلك حروف الزيادة: الألف والسين والتاء فهي مئنة من الطلب، كان ذلك آكد في الذم ولحوق الوعيد بفاعله إلا أن يشاء الرب، جل وعلا، عدم نفاذه.

&&&&&

ومن ذلك أيضا:

ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنَّانُ الَّذِي لاَ يُعْطِي شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ:

فأولئك ثلاثة أخر، فالمنان: كثير المن فليس له من الإخلاص حظ، فجاء الاسم على جهة المبالغة مئنة من عظم الفعل وكثرة وقوعه، فهو عظيم المن كثيره، فجاء الاسم مجملا ثم جاء البيان بالموصول عقيبه، فذلك مئنة من العموم، فضلا عن تعليق البيان على الصلة، فذلك آكد في البيان، فالمعنى الذي اشتقت منه جملة الصلة وهو امتناع الإعطاء إلا مقرونا بالمن، هو محط الفائدة، وقد جاء الفعل المضارع في سياق نفي، فدل ذلك، على عموم آخر، فتسلط النفي على المصدر الكامن في الفعل، وذلك نص في العموم، فلا تفلت عطية من أعطياته من منة، ولذلك جاء لفظ: "شيئا" منكرا فذلك عموم ثالث، فضلا عن دلالته على التحقير، بالنظر إلى رسوخ هذا الخلق الذميم في نفسه فلا يعطي شيئا، ولو حقر، إلا منه، والفعل المضارع مئنة من التجدد والاستمرار، فذلك، أيضا، مما يزيد المعنى توكيدا، فكلما جدد عطية قرن بها منة!، والقصر بأقوى أساليبه: النفي والاستثناء: "لاَ يُعْطِي شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ"، مما يزيد المعنى، أيضا، رسوخا وتوكيدا، فاجتمع في هذه الجملة مع وجازتها: أنواع شتى من البيان: إجمالا جاء البيان عقيبه، وتعريفا بالموصول مئنة من العموم، فضلا عن صور العموم والتوكيد في جملة الصلة، وذلك من البلاغة بمكان.

وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ: فاسم الفاعل قائم مقام المضارع، وهو، كما تقدم، مئنة من التجدد والاستمرار، فحلفه الكاذب خلق راسخ في نفسه، فضلا عن عموم: "أل" الموصولة التي تدل على العموم المستغرق لأفراده، فتقدير الكلام: والذي ينفق سلعته، فلا يختص الحكم بحالف دون آخر، بل يستغرق اللفظ بدلالة الموصول كل حالف، فذلك من جنس العموم في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، فـ: "أل" فيه موصولة لا تختص بسارق دون آخر، فليس فيها معنى العهد الذي روج له من روج ليتوصل بذلك إلى إبطال حد السرقة بقصره على معهود بعينه، وقرينة عموم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير