تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والخبر كسائر أخبار الوعيد: يراد به إنشاء الترهيب من الكفر، والترغيب في ضده من الإيمان لزوما، فالنهي عن الشيء يستلزم الأمر بضده، كما أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده.

وقوله: "أَصْحَابِ النَّارِ": مشعر بالاختصاص فصاحب الشيء أشد لصوقا به، وذلك آكد في الترهيب، وهو مشعر بديمومة العذاب، فضلا عن دلالة: "كان" على تحقق وقوع الأمر ودوامه، فتكون "أل" في "النار": عهدية تشير إلى معهود بعينه هو النار الأبدية السرمدية التي يخلد فيها المنافقون والكفار.

ووصف: "أصحاب النار" قد ورد في التنزيل في معرض بيان العذاب السرمدي فهو أمر قد اطرد في آي الكتاب العزيز من قبيل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، و: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، و: (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ)، و: (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، فهي في حق المنافقين لدلالة السياق في سورة المجادلة، وقد استثني من ذلك موضعان:

قوله تعالى: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ): على القول بأن قابيل لم يكفر بقتل أخيه، فالقتل كبيرة لا يكفر فاعلها إلا إذا استحلها.

وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً): فأصحاب النار هنا هم خزنتها وليسوا بمعذبين بداهة.

والشاهد أن وصف الصحبة في أغلب المواضع دال على دوام الملازمة وذلك كما تقدم مئنة من الخلود في العذاب جزاء وفاقا للكفر الأكبر بالرسالة الخاتمة إعراضا أو استكبارا.

ومثله وصف "أصحاب الجحيم": فالصحبة فيه، أيضا، مئنة من دوام اللبث، فهو عذاب الخلد، كما في نحو قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، و: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، و: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، و: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ).

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير