تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والاختيار معا فاستخلف رجال بأعيانهم، وترك اختيار أحدهم لأهل الحل والعقد ثم رضيت الأمة بالخليفة المنتخب فبايعته بيعة عامة كما قد أثر عن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، وصحت أيضا، خلافة علي، رضي الله عنه، فقد أجمع أكثر أهل الحل والعقد عليها إلا ما كان من خلاف أهل الشام واعتراض بعض الأصحاب، رضي الله عنهم، لا طمعا في الأمر، وإنما طلبا لدم الخليفة الشهيد رضي الله عنه، فلم تكن الفتنة على أمر ديني، وإنما كانت لأمر اجتهادي في الإسراع أو الإبطاء في الاقتصاص من قتلة الخليفة الشهيد، رضي الله عنه، فحصل ما حصل من إفساد السبئية في يوم الجمل، واجتهاد الطائفتين في يوم صفين، فإجماع الأكثرية صاحبة الشوكة هو المعتبر في ذلك إن فات الإجماع العام، وقد كان ذلك لعلي، رضي الله عنه، وهو مما احتج به على معاوية، رضي الله عنه، فقد بايعه من بايع من الثلاثة، رضي الله عنهم، من المهاجرين والأنصار، ثم جاء التذييل بالدعاء، أيضا: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى عُمَرَ: وفيه ما في سابقه من الإخبار وإرادة الإنشاء به، والإظهار في موضع الإضمار تعظيما لصاحب الشأن، فحصل الإطناب بالتكرار إعطاء لكل ذي حق حقه، فللصديق نصيب من دعاء علي، وللفاروق نصيب يضارعه، فالشيخان، رضي الله عنهما، في منزلة لا مطمع لمن أتى بعدهما في إدراكها، ولذلك وقع الإجماع على تقديمهما في الفضل والخلافة، بينما ساغ الخلاف في تقديم علي على عثمان، رضي الله عنهما، في الفضل لا في الخلافة، وهو مذهب شيعة علي، رضي الله عنه، في الكوفة، فحكي عنهم الإقرار بخلافة وفضل عثمان، رضي الله عنه، ولكنهم قدموا عليا، رضي الله عنه، في الفضل، وهو خلاف قول جمهور الأمة في بقية الأمصار، فالراجح ترتيب الأربعة، رضي الله عنهم، كما تولوا: فضلا وخلافة.

فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ: فذلك أيضا من الإطناب بيانا لطريقة عمر، رضي الله عنه، في نفسه وفي غيره فلم يحد عما كان عليه صاحباه، فاستقام على الطريقة وأقام غيره عليها.

حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ: فتلك من الاستعارة لصورة البعير إذا برك ومد عنقه مئنة من الرسوخ والاستقرار، فتلك صورة محسوسة استعيرت لبيان صورة معقولة هي ما كان من رسوخ واستقرار أمر الديانة في عهد عمر، رضي الله عنه، فكان بابا موصدا دون الفتن، وكانت خلافته رحمة، وأطفأت دولته نيران المجوس وكسرت صلبان الروم، فتحررت سائر الأمصار من نير فارس والروم، وانثالت الغنائم عليه، فلم يحد عن طريقته في أخذ نفسه بالشدة، بل قد خشي أن تكون فتنة إن لم يعدل في قسمتها وأنى لمثله أن يجور في قسمة دنيا، وهي أهون ما يبذل نصرة للديانة؟!.

والله أعلى وأعلم.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[06 - 08 - 2010, 05:45 م]ـ

نفع الله بك الإسلام والمسلمين، وجزاك خير الجزاء.

ولم يعين صلى الله عليه وعلى آله وسلم خليفته، على الراجح من أقوال أهل العلم، لا بنص جلي ولا خفي، لئلا يحرج على أمته، فيظن الناس أن هذا الخليفة معصوم عصمة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو الذي استخلفه وأمر المسلمين ببيعته، أو يظنوا حصر اختيار الخلفاء في طريقة بعينها قد لا تلائم كل حال، فالأحوال تتبدل في المسائل المصلحية التي أرسلها الشارع، جل وعلا، فلم يشهد لها باعتبار أو إلغاء، فاختيار الخليفة واجب على الأمة لئلا تنكسر الشوكة، كما هي الحال في زماننا، وقد شغر الزمان عن إمام جامع لكلمة المسلمين، فذلك القدر الذي اعتبره الشارع، عز وجل، فأوجبه، على سبيل الكفاية في حق الأمة، وعلى سبيل التعيين في حق أهل الحل والعقد فيلزمهم ما لا يلزم آحاد المسلمين من وجوب اختيار إمام للمسلمين، وأما طريقة الاختيار فلا تتعين، بل كل طريقة حصل بها الرضا المعتبر شرعا، فهو مناط الحكم ووصفه المؤثر، ولم تخالف نصا من نصوص الدين أو قاعدة من قواعده الكلية، فلا حرج فيها، وذلك من يسر الشريعة ومرونتها لتلائم سائر الأعصار والأمصار

ـ[عبود]ــــــــ[18 - 08 - 2010, 06:15 ص]ـ

بارك الله فيك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير