تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فيه بتتبع متشابهه، لتلفيق شبه مضحكة لا تنطلي إلا على جاهل ضعيف العقل، وتلك ملكة راسخة في أتباع رءوس الضلالة من عموم المقلدين برسم: (وإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)، فلا حجة من نقل أو عقل، وإنما تقليد محض يسلم فيه المقلد عقله لمتبوعه إسلام البهيمة قلادتها إلى سائقها، فكلاهما مقلد لا يملك من أمره شيئا، أو بالتضييق بالأسر أو النفي أو القتل: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا)، و: (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا): بالحجارة فذلك من الرجم الحسي، أو بالسب فذلك من الرجم المعنوي كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله، ولسان مقال قوم لوط: (مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)، ولسان حال قريش: (وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، فتلك حيل أهل الباطل في كل عصر ومصر، فلا جديد في الصد عن سبيل الله!، والباطل متربص دوما بالحق، فإن آنس منه قوة: خنس وكمن، فسلاحه سلاح المنافق الذي يعبث في السر بإثارة الشبهات والفتن، وإن آنس ضعفا كما هي الحال في زماننا: ظهر فخرج من جحره، فصار عبثه في العلن، بالخطف والقتل ....... إلخ من صور الإفساد الظاهر، فلا سلطان يزعه، ولو سلطان جور!، بل غالبا ما يقع التحالف الآثم بين سلاطين الجور وأئمة الضلالة لحرب الحق وأهله، فلكل في تلك الحرب الظالمة أرب، فأرب أهل الجور من الملوك والأمراء القضاء على الحق الذي يظهر فساد طريقتهم السياسية، وأرب أهل الجور من رءوس الضلالة القضاء على الحق الذي يظهر فساد طريقتهم الدينية، فالحق بأخباره يفضح زيف أصحاب المقالات الدينية الحادثة، والحق بأحكامه وشرائعه يفضح جور أصحاب السياسات الحادثة، ولذلك وقع التحالف بين العلمانية المعاصرة، وهي نسخة حديثة من السياسة الأرضية الجائرة التي تروم نزع السلطان من الرسالة السماوية العادلة، وبين أهل الضلال من سائر الملل والنحل، للتضييق على أتباع الرسالة الخاتمة، مع اختلاف العلمانية التي تبغض الأديان عموما، وأهل الضلال من رءوس الملل الباطلة والنحل الحادثة، مع اختلافهما في العلة والغاية، فعلة العلمانية: بغض الدين عموما، وغايتها: القضاء عليه قضاء مبرما، وعلة المقالات الدينية الباطلة: بغض الدين الخاتم خصوصا، وغايتها: القضاء عليه وحده دون سائر الأديان، فالأديان الباطلة تحسن جوار بعضها، فتجتمع اليهودية والنصرانية والبوذية والهندوسية ..... إلخ، فلا تسيء إلا جوار أهل الإسلام في كل عصر ومصر، وحال عصرنا، وأحوال أمصاره، حتى أمصار المسلمين التي استطال فيها أهل الكتاب على أهل الإسلام بالتواطؤ مع أهل الجور والطغيان من الساسة أصحاب المصالح الخاصة التي تهدر لأجلها المصالح العامة، بل وأصول الديانة، تلك الحال خير شاهد على إجماع أهل الباطل على حرب الحق، فهو إجماع متواتر من لدن بعث الرسل عليهم السلام إلى قيام الساعة، فذلك الخراج المشترك الذي يقتسمه ساسة الجور ورءوس الضلالة، وبئس الخراج، وأما الرسل عليهم السلام، فَيُسْأَلون ولا يَسْأَلون، ويعطون ولا يأخذون، ولو قل مالهم، وتأمل حال أهل الحق في زماننا ممن تركوا الباطل رغبة عنه، فلم يحسن ورثة الحق جوارهم، فتركوهم بلا عون، بل وتآمروا عليهم بالخطف والضرب!، في مقابل احتفاء أهل الباطل بجراثيم ضارة يلفظها الدين الصحيح، فـ: (ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)، تأمل حال كليهما لتعلم الخراج الذي لا يسأله أهل الحق، فيكفيهم خراج ربك في الدنيا، ولو كفافا، وفي الآخرة نعيما وملكا كبيرا، ويسأله في المقابل أهل الباطل،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير