تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشرعي، والمسدد من سدده الرب، جل وعلا، فعرف واجب وقته في زمن الضعف مدافعة، وفي زمن القوة مطالبة، والحكمة وسط بين جبن يقعد صاحبه برسم التعقل الذي يطفئ جذوة الولاء والبراء في قلوب أهل الحق، وتهور يحمله على المبادرة ولما يأت زمانها، وهو آت، وإن طال ليل الباطل، فذلك النزع الأخير الذي لا يساوي شيئا في عمر الأمم، وإن ساوى في عمر البشر جيلا أو أكثر من أجيال التيه سرعان ما تستبدل برسم: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)، و: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ).

وجعل الضعيف فتنة للقوي: أينتصر له، لا سيما إن كان من أهل الديانة، أم يخذله، كما هي حال كثير من أقوياء زماننا، و: "ما من أحد يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"، فالجزاء من جنس العمل وفاقا فلا يظلم ربك أحدا، وجعل القوي فتنة للضعيف، أيجالده إن كان ظالما بما شرع له من أسباب ذلك، فلكل زمان فقهه، كما تقدم، فتارة تكون المجالدة بالحجة والبرهان، وأخرى تكون بالسيف والسنان، وصور الفتنة لا تكاد تنتهي فالمعنى عام تندرج تحته أفراد كثيرة وصور عديدة، فحسن إيراد الصورة العامة التي تدل بعمومها على قدر مشترك من الفتنة بين تلك الصور، فهو محط الفائدة، فبين الحقائق التي يقع الاشتراك المعنوي بينها في المعنى الكلي الجامع بينها قدر مشترك هو ذلك المعنى الجامع، وقدر فارق وهو الحقيقة الحاصلة في الخارج فلا تتصور فيها المشاركة ففتنة الغني بالفقير تباين فتنة القوي بالضعيف وتباين فتنة الرجل بالمرأة ..... إلخ، وإن صدق على كلها وصف الفتنة الجامع.

ثم جاء الاستفهام:

أَتَصْبِرُونَ:

فضمن معنى الأمر وجوبا وإرشادا، فاصبروا على تلك الفتنة الكونية ببذل الأسباب الشرعية، من أداء حقوق وصبر على أذى ..... إلخ من صور الابتلاء.

وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا: فذلك من الاحتراز بإيراد وصف من أوصاف جلال الرب، جل وعلا، فهو البصير يرى دقائق الأمور، وهو البصير يدرك حقائقها، فله البصر بالعين التي تليق بجلاله، وله البصر بعلم الإحاطة تقديرا وإحصاء، فذلك مما يحمل المكلف على دوام المراقبة تحقيقا لمقام الإحسان في المعاملة.

و: "كان" منزوعة الدلالة على الزمن الماضي فلا يستفاد منها إلا دوام اتصاف اسمها بالمعنى الذي اشتق منه الخبر، فهو من وصف الرب، جل وعلا، الذاتي، فلا تتصور مفارقته للذات القدسية، ولا يتصور تعلقه بالمشيئة الربانية كصفات الأفعال التي يحدث الرب، جل وعلا، من آحادها ما شاء كيف شاء متى شاء، مع اتصافه، جل وعلا، بنوعها أزلا، فهو، تبارك وتعالى، كما تقدم في أكثر من موضع، أول بذاته القدسية وصفاته العلية ذاتية كانت أو فعلية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[هدى عبد العزيز]ــــــــ[11 - 09 - 2010, 04:05 ص]ـ

بارك الله فيك

شرح بلاغي يقود للتأثير في النفوس

هل هذه الطريقة هي ماتُسمى تفسير القرآن بالقرآن لأنني أراك تشرح الآية ثم تدعم القول بآية أخرى.؟

وكنت أتمنى أن أعرف ماهو مرجعك في التفسير؟ (من باب العلم)

تقديري

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير