تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فذلك يحسم مادة الجفاء فليس عبدا كبقية العباد بل هو عبد مصطفى برسم الرسالة.

فالقصر الادعائي مما يحسن إيراده حسما لمادة الغلو بإبراز وصف البشرية الذي يناقض وصف الربوبية بداهة، فذلك من جنس القصر في نحو قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، فذلك من قصر الإفراد فقد اعتقدوا فيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرسالة والخلود فجاء القصر مثبتا لوصف الرسالة نافيا لوصف الخلود فـ: (مَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)، و: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ): فذلك، أيضا، من القصر الذي ينفي الغلو في ذوات الأنبياء عليهم السلام بالإطراء الكاذب، ولكنه من قصر القلب لاعتقاد النصارى في المسيح عليه السلام فما هو إلا رسول بشري يجري على جسده ما يجري على بقية أجساد البشر من أعراض النقص الجبلي التي تنزه عنها الرب العلي، جل وعلا، بداهة، وذلك، كما تقدم في مواضع سابقة، مما احتج به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على وفد نصارى نجران الذين غلوا في المسيح فقالوا بمقالة التأليه، والإله لا يجري عليه ما جرى على المسيح عليه السلام من حدوث بعد عدم، وحمل ورضاعة، وطعام وشراب وما يلزم منهما من حدث ببول وغائط ...... إلخ فكل ذلك، كما تقدم، من المحال الذاتي في حق الرب العلي جل وعلا. فأوصاف النقص تناقض وصف الغنى الذاتي الثابت للرب، جل وعلا، على الوجه اللائق بجلاله، فهو الغني مطلقا فلا يفتقر إلى سبب خارج بل الأسباب من صنعه الباهر وجريانها من حكمه النافذ.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير