تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مَا هَدَاكُمْ)، وتكبير عند الذبح، وتكبير بعد مناسك الحج في أيام العيد والتشريق، وتكبير مطلق في أيام العشر، وتكبير مقيد عقيب الصلوات في العيد والتشريق كما تقدم ....... إلخ، فذلك من أحكام الألوهية التي تلي أحكام الربوبية في الترتيب العقلي، فسبب هو فعل الربوبية، ونتيجة واجبة شرعا وعقلا هي فعل الألوهية، فالتكبير من صور الثناء والشكر على ما هدي إليه المكلفون، والهداية هنا أيضا تحتمل: الهداية الكونية بتيسير أسباب الانتفاع بالبدن، والهداية الشرعية بتعليم أحكامها، وهو المتبادر إلى الذهن، والسياق هنا، أيضا، يحتمل كليهما، ولا مانع من الجمع بينهما لعدم التعارض، بل ذلك إثراء للمعنى، بحمل مادة الهداية على أعم صورها فتعم هداية التكوين، هداية: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)، وهداية التشريع: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ: فذلك من التعجيل بالمسرة، ففي الأمر بها مزيد امتنان على المحسنين فالبشرى خاصة بهم لقيام الوصف الجالب لها في أعيانهم دون غيرهم، وإن لم يمنع ذلك لحوق غيرهم بهم إن تحقق فيهم وصف الإحسان فهو الوصف المؤثر في إثبات الحكم، ولحوقهم بغيرهم إن حادوا عن الجادة فانتفى الوصف في حقهم، فالحكم مطرد منعكس يدور مع علته التي دل عليها تعليق الحكم بالاسم المشتق منها فالإحسان هو علة البشرى فيدور معها وجودا وعدما فلا يختص بأعيان وإنما يختص بأوصاف كسائر أحكام الرسالة فذلك مقتضى نزولها برسم العموم، فلا تختص أحكامها، كما تقدم، بأفراد أو جماعات، وإنما تختص: ثناء بكل مصدق طائع، وإن لم يكن عربيا من أهل لسانها الذي نزلت به، و: ذما بكل مكذب عاص ولو كان عربيا بل قرشيا هاشميا شريف النسب، فأبو لهب من ألصق بني هاشم بالنبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو مع ذلك من أعظم الناس منافرة وعداوة له في الدنيا، وبعدا عنه في الآخرة، فـ: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ)، فمقامه نار ذات لهب ومقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جنات عدن.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير