تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأحكاما وأخلاقا ..... إلخ إلى الله، عز وجل، فذلك تأويل خبر التنزيل المحفوظ فـ: (مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)، فذلك عموم مؤكد بـ: "من" فمرد الأشياء جميعها في معرض الإلهيات والشرعيات إلى رب البريات جل وعلا، بل التجريبيات، وإن لم تتلق من الوحي فليس بيانها وظيفته وإن أشار إلى أصولها الجامعة على جهة التبع، إلا أنها تخضع من جهة العموم لمقاصد الشريعة الكلية فهي وسائل قد يتذرع بها إلى واجب فتصير واجبة، أو محرم فتصير محرمة، فللوسيلة حكم مقصدها، ثم جاء التذييل بعلة الرد فهو رد إلى الرب، جل وعلا، الذي له ربوبية الخلق والتقدير فله القدرة النافذة والحكمة البالغة فيرد الحكم إليه فهو العليم بالمآلات الحكيم في تقدير الأعيان كونا والأحكام شرعا، فـ: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، ولذلك تجد من آثار هذا الصرف الكوني في الخارج صورا تظهر فيها آثار ربوبية القهر للقلوب بإعراضها بمحض اختيارها الذي لا يخرج عن الاختيار الكوني النافذ بإعراضها عن محكم الوحي المنزل وتتبعها لمتشابهه بطرائق توقع صاحبها في حرج شديد لافتضاح أمره ورقة بل بطلان حجته الظاهر ومع ذلك لا يزال يدفع بالقول تارة وبالفعل أخرى عن مقالته الردية التي تنقض أصول الملة التوحيدية فهو على طريقة الملأ من قريش فـ: (انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)، والملأ من قوم فرعون فهم القائلون في معرض التحريض الإعلامي!: (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ)، فالكل قد تواطأ على حرب الرسالات على مر الأعصار والأمصار، وإن اختلفت الشخوص فالطرائق والمكائد واحدة، فإثارة للشبهات وتهديد ووعيد ثم بطش وتنكيل، فكل صور الإرهاب الذي يقذف به دين المرسلين قد وقع فيه أعداؤه، على وزان: رمتني بدائها وانسلت!، ولعل صور الكهنوت المعاصر وقد علا في الأرض ليفسد فيها كما علا فرعون من قبله، فكتم من كتم إيمانه فهو على رسم مؤمن آل فرعون!، ولقي من لقي جزاءه بخلعه لنائب المسيح من منصب الهيمنة على العقول والأبدان، والتشريع تحليلا وتحريما بمحض الأهواء، لعل هذه الصورة التي يبذل فيها الباطل ما يبذل من تضحيات جسيمة استبقاء لسلطانه المهيمن على قلوب أتباعه فلا يروم إلا التعمية عليهم برسوم العصمة والقداسة فذلك مما يولد في النفوس رهبة تخرس الألسنة فلا تنطق، فالحرمان مآل من أعمل فكره فنطق بما يعارض مقررات الكهنوت ولو كان من أهله فلا صوت يعلو على صوت الطاغوت الأعظم الذي ترأس برسم الديانة، فلن يلج الملكوت أحد غضب عليه!، فغضبه من غضب من أنابه ليحل ويعقد ما شاء من أحكام الأرض فله حق التحلة بل وله نسخ ما شاء من الأخبار التي يمتنع نقلا وعقلا نسخها فذلك إبطال للخبر بتكذيب مخبره وذلك مما يأتي على أصل المقالة بالإبطال، بل قد استجاز من استجاز من طواغيت الثليث تبرئة يهود من دم المسيح عليه السلام، بزعم من أقام بنيانه على شفا جرف مقالة الصلب المتهافتة، فنسخ بذلك أصلا راسخا في قلب كل نصراني فعداوة يهود للمسيح عليه السلام أمر قد تواتر نقلا عند سائر أتباع الملل، فأبى الناسخ إلا إبطاله نقضا لكل معايير النقل والعقل بإنكار معلوم بالتواتر قد أغنت شهرته عن إسناده، فعداوة يهود للمسيح، عليه السلام، وذلك القدر المشترك بين أتباع كل الديانات، أمر قد صار من الضرورة العلمية بمكان، فإنكاره إنكار معلوم بدهي وذلك من جنس السفسطة والمكابرة فلعله من جنس الاستكبار في الأرض بغير الحق بانتحال مقالة قد قامت أدلة النقل والعقل والحس على بطلانها والذب عنها ومدافعة خصومها باستماتة وحمل الأتباع عليها برسم الإرهاب الفكري والبدني، فطغيانه من جنس طغيان ملوك الجور الذين يكممون الأفواه ويجلدون الأبشار ويصادرون الآراء مع انتحالهم حرية إبداء الرأي!، وإن كان طغيان الكهنوت الديني أبشع من طغيان الجور السياسي، فمكان الدين أعظم في القلوب فيكون الانتصار له ولو برسم الغلو أشرس، فالطاغوت الذي يمارس طغيانه باسم الدين يسترق القلوب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير