تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويحب العقل الكامل، فأطنب بتكرار العامل، وحصل بالجناس على جهة السجع بين: "البصر النافذ"، و: "العقل الكامل"، نوع تحسين للفظ لا تكلف فيه فهو تابع للمعنى.

فالمعنى الذي يحسن تعلقه بالبصر العلمي الذي يرى بنور الوحي فلا يصدر إلا عن خبره ولا يستعمل إلا قياسه، المعنى الذي يحسن تعلقه به هو النفاذ، فقياسه صريح يعضده ويزكيه النقل الصحيح، فيجتمع لصاحبه ركنا الاستدلال فـ: نقل صحيح فالمصدر العلمي محقق برسم النقل المسند، فثبتت صحته برسم التواتر العام أو التواتر الخاص، أو القرائن المحتفة بأخبار الآحاد التي تلقتها الأمة بالقبول، وعقل صريح يسير على منهاج النبوة في تقرير الحجج العقلية بأوجز عبارة فلا يطيل في المقدمات الضرورية، وإنما يذكر منها ما تمس الحاجة إليه للتوصل إلى المطلوب، ويحذف ما دل المذكور عليه فذلك من البيان الحسن بإيجاز غير مخل، بل الكمال في حذف ما لا ضرورة لذكره لكونه بدهيا معلوما بالضرورة، أو معلوما، كما تقدم، بدلالة المذكور عليه.

والمعنى الذي يحسن تعلقه بالعقل هو الكمال، فالعقل قوة غريزية يحسن بداهة اكتمالها، فاكتمال قوى المكلف المعقولة والمحسوسة مما يمدح به بنو آدم، وكمال العقل، ولا يكون ذلك إلا بمدد الوحي، هو اللجام لما يطرأ على الذهن من إرادات فاسدة هي الذريعة إلى مقارفة الشهوات الجامحة فالوحي يعصم التصورات والإرادات الباطنة والأقوال والأعمال الظاهرة، وذلك جار على ما تقدم مرارا من التلازم الوثيق بين الباطن علما وإرادة والظاهر تأويلا بالقول والفعل.

فيحب، جل وعلا، العقل الكامل عند حلول الشهوات فاكتملت القسمة العقلية، فبصر يصد غارة الشبهة العلمية، وعقل يصد غارة الشهوة العملية فتكتمل أركان القوى الفاعلة: علما باطنا وعملا ظاهرا.

فعلم الباطن: يقين بالخبر، وعمل الظاهر: صبر على تأويل حكم الوحي بامتثال أمره ونهيه، فتلك حال المتقين، فـ: "في صفة الإمام أحمد رحمه الله: عن الدنيا ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه أتته البدع فنفاها والدنيا فأباها، وهذه حال أئمة المتقين الذين وصفهم الله في كتابه بقوله: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فبالصبر تترك الشهوات وباليقين تدفع الشبهات قال تعالى: (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، وقوله تعالى: (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار) ". اهـ

بتصرف يسير من: "إعلام الموقعين"، (1/ 136).

والله أعلى وأعلم.

ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 11 - 2010, 09:13 م]ـ

بارك الله بكم وبعلمكم أستاذنا الكريم ..

موضوع قيّم مفيد، جعله الله في موازين أعمالكم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير