الكفر أعظم فرفعه سلامة للأديان بينما غاية رفع الجوع استبقاء الأبدان وهي فانية ولو بعد حين، وأمر التشريع حاكم يقع الابتلاء بامتثاله، فذلك حد التكليف الشرعي.
والأمر من جهة أخرى قد ينصرف إلى التكثير فيكثر الخبث وهو مئنة من الهلاك العام كما في حديث: "يا رسول الله: أنَهْلِكُ وفِينا الصَّالِحون؟ قال: نَعَمْ إذا كَثُرَ الخَبَثُ".
فتصير الحال الغالبة: حال الفسق والمعصية، فأكثر الناس مترفون فهم فاسقون بالقوة وإن لم يفسقوا بالفعل!، إن صح التعبير، فالترف، كما تقدم، مظنة انتهاك الحرمات الشرعية فلا يفسق الإنسان إلا بعد الامتلاء من الشهوات فإذا استوفت أخلاقه البهيمية حظها من الترف تطلعت أخلاقه السبعية بالعدوان على الأديان والأبدان إلى استيفاء حظها، أيضا، فهو صائل على كليهما، فيكون الفقر في حق أمثاله نعمة!، فإنه يحجزه عن فسوق ومعاص تكون ذريعة إلى هلاكه في الأولى والآخرة.
واختص المترفون بهذا الأمر ففيه مزيد ذم لطريقتهم المعوجة التي تفسد الأديان بمخالفة سنن الشرع، وتفسد الأبدان والأكوان بمخالفة سنن الكون، وأمرهم لا يعني عدم وقوع المعصية من غيرهم بل قد خرج الخطاب مخرج الغالب، فجل المصائب تأتي من قبلهم!.
ولا مانع من الجمع بين المعنيين فالسياق يحتمل كليهما فذلك جار على ما تقدم من جواز الجمع بين معاني المشترك اللفظي، فدلالة الأمر على طلب الفعل من وجه، وعلى تكثير العدد من وجه آخر، قد تنزل على ذلك.
فَفَسَقُوا فِيهَا: إما فسقا بالخروج على سنن الشرع بفسق أكبر بالكفر الناقض لأصل الإيمان في القلب وذلك مما يشهد تذييل الآية له، فالتدمير الذي أكد بمصدره ينصرف ابتداء إلى عذاب الاستئصال العام أو الخاص الذي ينزل بأعداء الرسل، عليهم السلام، من الكافرين المكذبين، أو فسق أصغر بالمعصية التي تقدح في كمال الإيمان الواجب دون أصله، وبالخروج أيضا على سنن الكون، كما تقدم، فالعبث في موارد الكون نوع فسق وخروج عن أمر الرب، جل وعلا، فالأول خروج عن أمر التشريع والثاني خروج عن أمر التكوين ولا ينفكان غالبا، كما تقدم، وكلاهما ذريعة إلى وقوع الهلاك.
فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ: بمقتضى السنن الكوني النافذ في إجراء العقوبات الربانية، فذلك قول العذاب، فـ: (حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ)، فحقت في الأولى بعذاب الاستئصال المعجل وحقت في الثانية بعذاب النار المؤبد.
فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا: فذلك من التوكيد بالمصدر كما تقدم إمعانا في النكاية فيهم من وجه، وإمعانا في تقرير السنة الكونية النافذة، والخبر كسائر أخبار الوعيد لا يخلو من دلالة إنشائية تحذيرية من سلوك طريقتهم لئلا ينال السالك نظير ما قد نالهم في الدنيا والآخرة فذلك من قياس الطرد الذي تواتر في آي الوعد والوعيد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[06 - 12 - 2010, 12:44 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
الأستاذ الفاضل: مهاجر
جزاك الله خيرا، مقال بلاغي قيم، جعله الله في موازين حسناتكم يوم تلقونه، وكتب الله لكم الأجر والمثوبة، ونفع بعلمكم الأمة الإسلامية: اللهم آمين
والله الموفق
ـ[سامي أحمد المسلم]ــــــــ[18 - 12 - 2010, 04:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا
والرجاء مراجعة المقال
وتصحيح بعض الآيات القرآنية في المقال
وبعض اللأخطاء الاملائية
ـ[سامي أحمد المسلم]ــــــــ[18 - 12 - 2010, 04:04 ص]ـ
ما بطن في قلوب بعض المؤمنين من نوع حب خفي للدنيا فـ: (مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ)
وهذا مثال
ـ[سامي أحمد المسلم]ــــــــ[18 - 12 - 2010, 04:08 ص]ـ
وهذا لا يقلل من قيمة الموضوع فهو مفيد جدا
وسوف أعاود قراءته لأستفيد منه