الفاعليّة: وفيها يسند الفعل إلى صيغة اسم المفعول، والمرادُ اسم الفاعل، ومثالها قوله تعالى:? وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً ? الإسراء45، فالحجاب في أصله ساترٌ لا مستور، نقول لقد حَلَّ اسم الفاعل محل اسم المفعول، فالعبارة مجازٌ عقليّ، والعلاقة فاعلية، والقرينة حاليّة.
ومنها كذلك قوله تعالى:? إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ? مريم61، أيْ كان وعدُه آتيا، لاحظ أنّنا أسندنا اسم المفعول، وأردنا اسم الفاعل. فالعلاقة فاعليّة والقرينة حاليّة.
المفعوليّة: وفيها يُسند الفعل إلى صيغة اسم الفاعل، والمرادُ اسم المفعول، نحو قولنا: هذا مكانٌ آمنٌ، فنحن استخدمنا صيغة اسم الفاعل (آمن) ونريدُ معنى المفعولية (مَأْمُونٌ)، فالعبارة مجاز عقلي، والعلاقة مفعوليّة، والقرينة حالية، ومثالها كذلك قولنا: السّوق عامرٌ، ففي الحقيقة السّوق لا يكون عامراً، بل معمورا، إذن ففي إطلاق اسم الفاعل وإدارة اسم المفعول مجاز عقلي علاقته المفعوليّة، وقرينتُهُ حاليّة.
قرينة المجاز العقلي: للمجاز العقلي أربع قرائن هي:
القرينة اللفظيّة: قد تُذكرُ في الكلام قرينة المجاز العقلي ذكراً لفظياً، مثل: بَنَى أغنياءُ القرية مسجداً بديعاً بفضل أَمْهَرِ البنّائين، فالقرينة كما نلاحظ لفظيّة، وهي (بفضل أمهر البنّائين).
القرينة العقليّة: مثل شَوْقُكَ ساقني إلى زيارتك، فالشّوق ليس في الحقيقة فاعلاً، لكنّه الدافعُ النفسي للزيارة، وهذا أمرٌ يدرك بالعقل.
القرينة المدركة بالعادة: مثل بَنَى رئيسُنا العديد من المنشآت، فالرّئيس ليس في الحقيقة فاعلاً، وإنما مَنْ كلّف البنائين بذلك، وإدراكُ ذلك يكون بالعادة.
القرينة الحالية: مثل: كتب الوالد رسالة إلى ابنه، فإنْ كانت حال الوالد معروفةً بأنّه مكفوف مثلاً، عرفْنا بأنه أَمَرَ مَنْ يكتبها لَهُ، فالقرينة حالية.
بلاغة المجاز العقلي:
المجاز العقلي أسلوب راقٍ، يعبّر عن سعة اللغة العربية، وقدرتها على تجاوز حدود الحقيقة إلى الخيال، ويسمّيه بعضُ البلاغيين بالمجاز الحُكمي، أو الإسناد المجازي، لذلك ترى كثيراً من الباحثين يُدْرِجونه في علم المعاني لا في علم البيان.
ويُعتبَر المجاز العقلي من الأساليب البلاغية التي وسّعت مجالاتِ التعبير، وأضفت على اللغة طابع الجمال، فَبِوَساطته أثبتت اللغة العربية قدرتها على القفز فوق حدود الحقيقة، بُغية استيعاب الصور الخيالية الساحرة، وقد أطلق أئمة البلاغة العنان في الحديث عن بلاغة المجاز العقلي، فقال ابن رشيق القيرواني في كتابه العُمدة: "إنّ العرب كثيرا ما تستعمل المجاز، وَتعُدُّهُ من مفاخر كلامها، وهو دليلُ الفصاحةِ ورأسُ البلاغة، وبِهِ بانتْ لغتها عن سائر اللغات، والمجاز في كثيرٍ من الكلام أبلغ من الحقيقة، وأحسن موقعاً في القلوب والأسماع".
والله الموفق، والله أعلم بالصواب.
ـ[فتون]ــــــــ[06 - 12 - 2010, 02:32 ص]ـ
أظنه مجازا مرسلا لعلاقة الحالية ...
ولكما تحيتي ...
ـ[عبق الياسمين]ــــــــ[07 - 12 - 2010, 12:07 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بلسم الرّوح: زهرة متفائلة
رفع الله منزلتك و زادك علما و نورا ..
في الواقع هذا المجاز من بيت للشاعر إيليا أبي ماضي في قصيدته (الحجر الصغير):
لست أرضا فأرشف الماء **و لا ماء فأروي الحدائق الغناء
رائعة .. كما عهدتك دوما
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[07 - 12 - 2010, 12:14 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بلسم الرّوح: زهرة متفائلة
رفع الله منزلتك و زادك علما و نورا ..
في الواقع هذا المجاز من بيت للشاعر إيليا أبي ماضي في قصيدته (الحجر الصغير):
لست أرضا فأرشف الماء **و لا ماء فأروي الحدائق الغناء
رائعة .. كما عهدتك دوما
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... أما بعد:
أختي الحبيبة: عبق الياسمين
لقد سألت ُ لكِ ــــ متخصص في قسم البلاغة فطرحتُ سؤالك هذا
هل يمكن أن نعتبر (الحدائق الغناء) مجازا مرسلا علاقته محلية؟
فكان الرد؟
حبذا لو أكملنا الإسناد وقلنا مثلا: الحدائق الغناء (زاهية) أو أي خبر مناسب
أقول: يمكن القول العلاقة حالية.
والله أعلم بالصواب وهو الموفق
ـ[عبق الياسمين]ــــــــ[07 - 12 - 2010, 10:09 ص]ـ
بورك فيك أختي .. زهرة متفائلة
ما ذكرته لي سابقا فهمته أي أن المجاز عقلي، علاقته المكانية .. و الشرح كان وافيا
أما ما ذكره الأستاذ المتخصص في البلاغة -جزاه الله خيرا - فقد جعل (الحدائق الغناء) مجازا مرسلا في علاقته الحالية
أستغرب الأمر لأن العلاقة الحالية حسبما أعرف تقوم على ذكر الحال و قصد المحل مثل (إن الأبرار لفي نعيم) فالنعيم يحل في الجنة لذا فالعلاقة حالية ...
أما في قول (إيليا أبي ماضي) فإنه ذكر المحل (الحدائق) و قصد الحال (العصافير) لذا استنتجت أن المجاز مرسل ..
و حين نبهتني إلى قضية إسناد الوصف إلى الحدائق فإنه صار مجازا عقليا، أما العلاقة فظلت نفسها (المكانية).
آسفة أختي الحبيبة زهرة أُتعبك معي دوما ..
¥