تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سؤال ثاني حول منهج الحافظ ابن حجر في زيادات الثقات.]

ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[30 - 06 - 08, 06:51 م]ـ

ـ وقال في الفتح شرح ح [5282]: وحاول بعض الحنفيّة ترجيح رواية من قال: كان حُرّاً على رواية من قال: كان عبداً، فقال: الرِقُّ تعقُبُه الحريّة بلا عكس، وهو كما قال، لكن محلّ طريق الجمع إذا تساوت الرّوايات في القوّة أمّا مع التفرد في مُقابلة الاجتماع فتكون الرِّواية المُنفرِدة شاذّة والشّاذ مردود، ولهذا لم يعتبِر الجمهور طريق الجمع بين الرِّوايتين مع قولهم: إنّه لا يُصار إلى التّرجيح مع إمكان الجمع. والذّي يتحصّل من كلام مُحقِّقيهم وقد أكثر منه الشّافعي ومن تبِعه أنّ محلّ الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الرِّوايتين ومنهم من شرط التّساوي في القوّة. اهـ

ـ قلتُ: العلماء الذّين شرطوا تعذّر الجمع بين الأصل والزّيادة للحكم بالشّذوذ وصفهم الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنّهم الجمهور؛ فالسّؤال الذّي يَرِدُ بقوّة هنا هو: من هؤلاء الجمهور آجمهور المحدّثين أم جمهور الفقهاء والأصوليّين؟ محلّ بحث ينتظِر الإجابة من إخواننا الباحِثين جزاهم الله خيراً.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[30 - 06 - 08, 11:54 م]ـ

بارك الله فيكم.

ابن حجر -رحمه الله- يتكلم في مسألة خيار الأمة إذا عتقت،

قال: ( ... واقتضت الترجمة بطريق المفهوم أن الأمة إذا كانت تحت حر فعتقت؛ لم يكن لها خيار،

وقد اختلف العلماء في ذلك:

- فذهب الجمهور إلى ذلك،

- وذهب الكوفيون إلى إثبات الخيار لمن عتقت سواء كانت تحت حر أم عبد، وتمسكوا بحديث الأسود بن يزيد عن عائشة: أن زوج بريرة كان حرًّا)،

واستطرد الحافظ، ثم عاد لذكر ما أُيِّد به مذهب الكوفيين، فقال:

(وحاول بعض الحنفية ترجيح رواية من قال: " كان حرًّا " على رواية من قال: " كان عبدًا "، فقال: الرق تعقبه الحرية بلا عكس. وهو كما قال)،

فوافق ابنُ حجرٍ الحنفيَّ على هذا الجمع بين الروايتين، ثم استدرك:

(لكنَّ محلَّ طريق الجمع إذا تساوت الروايات في القوة، أما مع التفرد في مقابلة الاجتماع فتكون الرواية المنفردة شاذة، والشاذ مردود)،

يُشير ابن حجر في ذلك إلى أن رواية: " كان حرًّا " انفرد بها الأسود عن جماعة، ثم قال:

(ولهذا لم يعتبر الجمهور طريق الجمع بين الروايتين، مع قولهم: إنه لا يُصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع، والذي يتحصل من كلام محققيهم -وقد أكثر منه الشافعي ومن تَبِعَهُ- أن محلَّ الجمع: إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين، ومنهم من شرط التساوي في القوة)،

فأشار ابن حجر إلى مذهب الجمهور، وهو هنا يحتمل -فيما يظهر- معنيين:

- جمهور العلماء الذين قالوا: إن الأمة إذا كانت تحت حر فعتقت؛ لم يكن لها خيار. فهؤلاء لم يعتبروا في هذه المسألة طريق الجمع بين الروايتين، مع أنهم يقولون ويُقِرُّون: أنَّه لا يُصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع، وذلك لأن هذه الرواية لا تصل إلى مرتبة الجمع بينها وبين غيرها، حيث إنها منفردة مقابل اجتماع.

- وإما أن ابن حجر يقصد بالجمهور: جمهور المحدثين، ذلك أنه يتكلم في مسألة حديثية، فذكر أن جمهورهم لا يشترطون المنافاة للحكم بالشذوذ (يعني: أن الجمهور يرجِّحون ولا ينظرون إلى الجمع بين الروايات) إلا إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين (أي: لم تكن القرائن على الغلط والوهم محتفة بإحداهما) -هذا مُحصّل كلام المحققين-، وبعضهم لم يشترط المنافاة للحكم بالشذوذ إلا إذا كانت الروايتان متساويتان في القوة.

فهذه الحالة (عدم ظهور الغلط في إحدى الروايتين أو عدم التساوي بينهما) هي محلُّ طريق الجمع عند ابن حجر والجمهور، ففيها يصح أن يُصار إلى الجمع، وأما ما سوى ذلك (إذا ظهر الغلط في إحدى الروايتين أو لم تتساويا)؛ فإحدى الروايتين شاذة، والشاذ مردود.

وأما قولهم: إنه لا يُصار إلى الجمع مع إمكان الترجيح فهذا مقيَّد بما سبق.

هذا مفاد كلام الحافظ -فيما يظهر لي-، وهي حكاية نفيسة لمذهب الجمهور في هذه المسألة.

وكلام ابن حجر هنا أقرب إلى الكلام في تعارض الروايات منه إلى الكلام في زيادة بعضها على بعض، لكنَّ كلامَهُ شاملٌ لزيادات الثقات في المتون، حيث إنه يُحكم فيها بالشذوذ، بل يمكن اعتبار الراويات المتعارضة زيادات ثقات من بعض الأوجه.

وقد حكى النووي أن الجمهور لا يشترطون المنافاة للحكم بالشذوذ -كما سبق بيانه في موضوع (عدم اشتراط المنافاة في رد زيادات الثقات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95219))-.

والله أعلم.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[02 - 07 - 08, 07:45 م]ـ

- وإما أن ابن حجر يقصد بالجمهور: جمهور المحدثين، ذلك أنه يتكلم في مسألة حديثية، فذكر أن جمهورهم لا يشترطون المنافاة للحكم بالشذوذ (يعني: أن الجمهور يرجِّحون ولا ينظرون إلى الجمع بين الروايات) إلا إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين (أي: لم تكن القرائن على الغلط والوهم محتفة بإحداهما) -هذا مُحصّل كلام المحققين-، وبعضهم لم يشترط المنافاة للحكم بالشذوذ إلا إذا كانت الروايتان متساويتان في القوة.

فهذه الحالة (عدم ظهور الغلط في إحدى الروايتين أو عدم التساوي بينهما) هي محلُّ طريق الجمع عند ابن حجر والجمهور، ففيها يصح أن يُصار إلى الجمع، وأما ما سوى ذلك (إذا ظهر الغلط في إحدى الروايتين أو لم تتساويا)؛ فإحدى الروايتين شاذة، والشاذ مردود.

إنما قصدتُ: أو التساوي بينهما.

واستطراد ابن حجر الأول في ذكر بعض من رجَّح ولم يجمع، قال: (قال إبراهيم بن أبي طالب -أحد حفاظ الحديث، وهو من أقران مسلم؛ فيما أخرجه البيهقي عنه-: " خالف الأسودُ الناسَ في زوج بريرة "، وقال الإمام أحمد: إنما يصح أنه كان حرًّا عن الأسود وحده، وما جاء عن غيره فليس بذاك، وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدًا، ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئًا وعملوا به فهو أصح شيء، وإذا عتقت الأمة تحت الحر فعقدها المتفق على صحته لا يفسخ بأمر مختلف فيه ا. هـ).

ويُنظر في هذه اللفظة: علل الدارقطني (15/ 79، 80).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير